قدسية هذا الوحي وعلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يملك إلا أن يبلّغ ما قاله الله -سبحانه وتعالى- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} (التحريم: 1) {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} (الأحزاب: 37) {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (التوبة: 43) {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (التوبة: 113) {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 67) {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (الأنفال: 68) {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} (عبس: 5 - 10).
كثير من الآيات في كتاب الله -عز وجل- تحمل هذا المعنى الجميل من العتاب الرقيق لخير الخلق محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهذا وجهٌ يدل على قدسية هذا الكتاب وأنه منزّل من عند رب الأرض والسماء -سبحانه وتعالى، وذكر الشيخ قصة جميلة في هذا المجال؛ وهو ما حدث مع عبد الله بن أبي كبير المنافقين عليه سحائب اللعائن عندما مات وكفّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثوبه وأراد أن يستغفر له ويصلي عليه، فقال عمر -رضي الله عنه: "أتصلي عليه وقد نهاك ربك" فقال -صلى الله عليه وسلم: ((إنما خيرني ربي فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم} (التوبة: 80) وسأزيده على السبعين))، وصلى عليه فأنزل الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهَِ} (التوبة: 84)، فترك -صلى الله عليه وسلم- الصلاة عليهم.
كل ذلك دليل على النقطة الثانية؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأتيه الأمر من ربه -سبحانه وتعالى.
النقطة الثالثة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجيئه الأمر أحيانًا بالقول المجمل أو الأمر المشكِل الذي لا يستبينه هو ولا أصحابه تأويله، حتى ينزّل الله عليهم بيانه بعد؛ بمعنى