الأولى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تنزل به نوازل من شأنها أن تحفّزه إلى القول، وكانت حاجته القصوى تلح عليه أن يتكلم؛ بحيث لو كان الأمر إليه لوجد له مقالًا ومجالًا، ولكنه كانت تمضي الليالي والأيام تتبعها الليالي والأيام ولا يجد في شأنها قرآنًا يقرأه على الناس، فأول دليل أن الكلام ليس من عند النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، هذه النوازل التي كانت تنزل بالنبي ولا يجد فيها قرآنًا يقرأه على أصحابه وهو في أشد الحاجة إلى أن يتحدث في هذا الأمر، فلو كان الأمر من عنده -صلى الله عليه وسلم- لكان من السهل أن يتحدث وأن يُخرج نفسه من هذه النازلة أو هذا المأزق الذي نزل به وبأصحابه -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-؛ مثال ذلك: الحادثة المشهورة "حادثة الإفك" فقد اتهم اتهمت عائشة -رضي الله عنها- في عرضها، وهذا شيء يمس النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهذا أمر خطير تحدث فيه الناس، ومع ذلك كان انتظار الوحي من الله -سبحانه وتعالى- ليحكم وليقضي في هذه المسألة، وكانت العبارة الشهيرة في الحديث: ((يا عائشة، أما إنه بلغني كذا وكذا؛ فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتي ألممتِ بذنب فاستغفري الله)) هذا كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن ينزل الوحي تبريء عائشة -رضي الله عنها- وأرضاها وعن أبيها، الصديقة بنت الصديق.

النقطة الثانية: يقول الشيخ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجيئه القول في القرآن في بعض الأوقات على غير ما يحبه ويهواه، فيخطّئه في الرأي يراه؛ أي الوحي يخطئ النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرى من رأي، ويأذن له في الشيء لا يميل إليه، فإذا تلبَّس فيه يسيرًا تلقّاه القرآن بالتعنيف الشديد والعتاب القاسي والنقض المُرّ، حتى في أقل الأشياء خطرًا، وهذه مسألة يستدل بها لكل من ينظر في كتاب الله -سبحانه وتعالى- هناك آيات في كتاب الله هي عتابٌ للنبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فلو كان الأمر من النبي -صلى الله عليه وسلم- لتغاضى عن هذه الأشياء ولم يذكرها، حتى لا تبقى بعده تبين هذه المواقف، وهذا دليلٌ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015