المفعول على الفاعل أم أؤخر المفعول على أصله في الترتيب؟ كل هذه القضايا هي التي تظهر فلي كلامنا، فالذي يتحدث بلغة العرب والذي يكتب على لغة العرب لابد أن يتوخى هذه المعاني عند كتابته، وبالتفاوت في هذه المعاني يتفاوت الكاتب ويتفاوت من يتكلم بلغة العرب.
ننظر مثال فيما ذكره الرافعي -رحمه الله- في كتابه (إعجاز القرآن) يقول: الكلام يتركب من ثلاثة: حروف وهي من الأصوات وكلمات هي من الحروف وجمل هي من الكلم، وقد رأينا سر الإعجاز في نظم القرآن يتناول هذه كلها؛ بحيث خرجت من جميعها تلك الطريقة المعجزة التي قامت به؛ أي أن القرآن معجزٌ في حروفه في كلماته في جمله، فبالتالي هو معجز في نظمه ككل، فيقول: إن نظم القرآن يقتضي كل ما فيه منها اقتضاءً طبيعيّا؛ بحيث يبنى هو عليها لأنها في أصل تركيبه ولا تبنى هي عليه، فليست فيها استعارة ولا مجاز ولا كناية ولا شيء، من مثل هذا يصح في الجواز أو فيما يسعه الإمكان أن يصلح غيره في موضعه إذا تبدلته منه، فضلا عن أن يفي به وفضلا عن أن يربى عليه أي يزيد عليه، ولو أدرت اللغة كلها على هذا الموضع، فكأن البلاغة فيه إنما هي وجهٌ من نظم حروفه، بخلاف ما أنت واجد من كلام البلغاء، فإن بلاغته إنما تصنع لموضعها وتبنى عليه، فربما وفت وربما أخلفت، ولو هي رفعت من نظم الكلام ثم نزل غيرها في مكانها لرأيت النظم نفسه غير مختلف، بل لكان عسى أن يصح ويجود في مواضع كثيرة من كلامهم.
بمعنى: يقول الشيخ -رحمه الله: أن القرآن نظمه يتميز بهذه الميزة العظيمة؛ أنك لا تستطيع أن تضع حرفا مكان حرف أو كلمة مكان كلمة أو تغير من ترتيب الكلام بتقديم أو تأخير وغير ذلك، بعكس كلام البشر وكلام العرب؛ فإنك