نبدأ بالنقطة الأولى وهي نظمه:

لا شك أن النظم هو سر الإعجاز في القرآن الكريم، لماذا؟ لأننا لو نظرنا فيما قيل قبل ذلك من أن المسألة هي مسألة صرفة أو وجود غيبيات أو إعجاز علمي أو غير ذلك من الأوجه التي نوهنا عليها في الدرس الأول نجد أن هذه الوجوه ال إ عجازية لا نستطيع أن نتحصل عليها إلا في القرآن جملة؛ بمعنى أن القرآن في جملته يحوي الغيبيات ويحوي الإعجاز العلمي ويحوي الإعجاز البلاغي ويحوي الإعجاز العددي، وغير ذلك من أوجه الإعجاز؛ كل ذلك لا يتأتى لنا إلا من خلال الكتاب ككل، من خلال القرآن الكريم جملة، أما مسألة النظم هذه يتأملها أو يستطيع أن يستكشفها من ينظر في أدنى سورة من سور القرآن في أقصر سورة من سور القرآن الكريم- يستطيع أن يتبين روعة هذا النظم، وهذا السبك الذي يدل على أن هذا الكلام ليس من قول البشر وإنما هو كلام رب البشر سبحانه وتعالى.

عمومًا قضية النظم لها درس مستقل سنتعرض له فيما بعد إن شاء الله -سبحانه وتعالى، ونكتفي الآن ببيان معنى النظم بإيجاز، وذكر أقوال بعض العلماء في هذه الخاصية.

فالنظم بإيجاز: هو توخي معاني النحو، بمعنى: أن الناس يتعاملون مع اللغة، واللغة فيها تقديم وتأخير، وفيها ذكر وحذف، وفيها بيان الأوجه مثال: أن أريد أن أستخدم الحال فهل أستخدم الحال جملة أم مفردا أم شبه جملة، وإذا استخدمته جملة هل آتي بجملة فعلية أم جملة اسمية، وإذا استخدمته شبه جملة فأيهما أولى الظرف أم الجار والمجرور، هذا في الاستخدام أيهما أول أقدم أم أؤخر؟ يعني أقدم الخبر على المبتدأ أم أقدم المبتدأ على أصله في التقديم؟ أقدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015