بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن عشر
(تابع: التكرار في القرآن الكريم)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين- ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
سنبدأ درسنا هذا بعرض نماذج تطبيقية على هذه الظاهرة التي هي من دلائل الإعجاز اللغوي في القرآن، هذه الظاهرة تشمل صور عديدة كتكرير الحرف، وتكرير الاسم، وتكرير الفعل، وتكرير الجملة، وتكرير الآية كاملة، وتكرير الموضوع أو القصة في مواضع شتى في كتاب الله -سبحانه وتعالى- مع تغيير في بعض الألفاظ من: حذف بعضها، أو تقديم، أو تأخير ... أو غير ذلك من ظواهر أخرى تدخل على القصة المذكورة، ولكن القصة عرضت في مواضع شتى، ومن ثم كان ذلك تكرارًا لها، ولعرضها في كتاب الله -سبحانه وتعالى- فنتوقف مع نماذج لكل نوع من هذه الأنواع، ونعرض أقوال العلماء في بيانها.
كتب التفسير مملوءة ببيان هذه الأسرار التي يحويها التكرير في القرآن الكريم، وخاصة كتب التفسير التي تهتم بالجانب البلاغي كـ (الكشاف) للزمخشري و (روح المعاني) للألوسي، وأخيرًا (التحرير والتنوير) للطاهر بن عاشور علّامة تونس. وأيضًا هناك كتب صنفت في بيان هذه الظاهرة، والاهتمام بها، وبما هو على شاكلتها من مواضع في القرآن تستدعي للانتباه لها، مثل كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل) الذي نستعرض منه هذه النماذج، وليس اختيارنا لهذا الكتاب تفضيلًا له عن سائر الكتب، وإنما هو كتاب يخدم الغرض الذي نتحدث فيه بعرض النماذج، وعرض رؤية لما هو تحت هذه الظاهرة، وأذكرك أيضًا أن ذلك اجتهاد من العلماء، ومحاولة منهم لكشف أسرار بلاغة القرآن الكريم هذا الاجتهاد يقبل ويطرح إذا ما كان مخالفًا لبعض مبادئ الدين، ولظاهر التفسير