بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السابع عشر
(تابع: التوكيد في النظم القرآني - التكرار في القرآن الكريم)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وبعد:
فنقول: من أدوات التوكيد المستخدمة في النظم القرآني الجملة الاسمية:
فإنه من المعلوم أن الفعل يدل على التجدد والحدوث، أما الاسم فيدل على الثبوت والدوام، ومن ثم كان التعبير بالجملة الاسمية محل الفعلية صورة من صور التوكيد المستخدمة في النظم القرآني. فلذا اهتم العلماء ببيان ذلك على أنه من صور التوكيد، وإن كان البعض لا يرى ذلك. يقول أستاذنا الدكتور لاشين: "وإذا كان وضع الجملة الاسمية على إفادة الثبوت ووضع الجملة الفعلية على إفادة التجدد، فإن الجملة الاسمية تدل على معنًى أوفى مما تدل عليه الجملة الفعلية، ولهذا ذهب بعضهم إلى أن الجملة الاسمية تفيد تأكيد المعنى، وقد تؤثر الجملة الاسمية من أجل هذا في بعض المقامات على الجملة الفعلية كما في قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} (البقرة: 14) فالمنافقون خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية: {آمَنَّا}؛ لأنهم أظهروا الإيمان وأحدثوه خوفًا ومداراة، وحينما خاطبوا شياطينهم كانت الجملة الاسمية المحققة بإنَّ المشددة؛ لأنهم في مخاطبة إخوانهم ثابتون على الكفر، ويخبرون به عن صدقٍ ورغبةٍ.
وقوله -سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} (هود: 69) إذ أصل الأول: نسلم سلامًا، وأصل الثاني: سلام عليكم، أي الجملة الأولى فعلية قالوا: نسلم سلامًا، فأجاب إبراهيم -عليه السلام: سلام عليكم، كأن إبراهيم -عليه السلام- أراد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به؛ أخذًا بأدب