وأخيرًا إن لجوءهم إلى السيف في محاربة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإلى سيادة منطق القوة واضطهاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه؛ دليلٌ قاطع على عجزهم عن القول، وإلا فالتحدي واضح، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أثار قرائحهم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- سفّه آلهتهم، وعاب أحلامهم، وبيّن سفههم، وواجههم بما لو كانوا يستطيعون أن يردوه لردوا، ولو كانوا يستطيعون أن يقولوا مثل القرآن لقالوا، أما قولهم: {لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِين} فذلك يدل على رغبتهم في الرد، فلما عجزوا لفصاحة القرآن ونظمه على غير مثال كلامهم اكتفوا بالادعاء، وهذه عادة من لا يستطيع أن يفعل شيئًا، فيقول: أستطيع أن أفعل، فيدعي، عندما يعلم عجزه يكتفي بأن يتكلم، فالقول بالصرفة بمعنى أن الله -سبحانه وتعالى- صرفهم عن ذلك هذا قول فاسد، واهتم الباقلاني ببيان فساده واهتم كذلك عبد القادر الجرجاني ببيان فساده، وما قلته هو ملخص ما ذكره الإمامان في هذه المسألة.
ثالثًا: ننتقل إلى النقطة الثالثة في الصرفة:
وهى فهم آخر للصرفة، ليس بالمعنى الذي ذكرنا، معنى آخر للصرفة، هذا المعنى قبله أهل العلم الثقات ورضوا به، هذا المعنى يتركز في الآتي:
بمنتهى البساطة كما يقال أن معنى الصرفة الذي ذكر لا يليق بشخص مثل النظام، هذا النظام يعني يروى أنه بدأ شاعرًا وانتهى متكلمًا، وأنه كان على درجة عالية من الفصاحة والبيان، وأنه في مواقف كثيرة له يذب ويدافع عن فصاحة القرآن وعن بلاغة القرآن، فكيف يخرج من النظام فهم مثل هذا الفهم الذي قيل من أن الله صرفهم عن القرآن قهرًا، وأن الله -سبحانه وتعالى- جعلهم لا يقولون مثل القرآن؛ فلذلك رفض أهل التحقيق مثل الدكتور محمد محمد أبو موسى والدكتور محمد