به مرفوعًا في قوله تعالى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (يوسف: 18) فهنا حَذْف، فالتقدير: صبري صبر جميل، أو أمري صبر جميل. ولذلك عُدِل عن النصب إلى الرفع؛ لإرادة الثبوت والدوام كما ذكر النحاة في ذلك.
ومن قبيل الحذف أيضًا لتطبيق القاعدة النحوية: اتفاقهم على جواز حذف المبتدأ عند قطع النعت عن المنعوت، ففي قراءة: "الحمد لله ربٌّ العالمين" (الفاتحة: 2) برفع كلمة "رب" يكون التقدير: هو رب العالمين، وحُذف هنا المبتدأ. وفي قولنا: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" إذا ما قيل: الرجيم، يكون المبتدأ محذوفًا؛ لقطع النعت عن المنعوت لغرض الذم، كما كان قطع النعت عن المنعوت لغرض المدح في قولنا: "الحمد لله رب العالمين" أو لغرض الترحم: "اللهم ارحم عبدَك المسكين" أي: هو المسكين.
إلى غير ذلك مما ذكر في النحو.
وهناك أسباب كثيرة غير ذلك ذُكرت في أبواب النحو، نكتفي بالإشارة إلى ما ذكرنا منه.
وننتقل بعد ذلك إلى حذف المسند.
حذف المسند أيضًا له أغراض تتعلق به، وإنما الذي نستطيع أن نقوله ابتداءً: هو أنهم قاسوا أغراضَ حذف المسند إليه على حذف المسند، فإذا وجدوا شاهدًا ذكروه، وإن لم يجدوا شاهدًا قاسوا على غيره بمثال كما صنعوا من أمثلة فيما ذكر.
فمن أغراض حذف المسند التي ذكروها: الاحتراز عن العبث، كقوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} (الإسراء: 100) فأصل الكلام: لو تملكون خزائنَ رحمة ربي، فحذف الفعل الأول؛ احترازًا على العبث عن