وحَذْفُ الكلمة هو باب عظيم في أبواب الحذف، اهتم البلاغيون به، واهتموا اهتمامًا بالغًا بذكر حذف المسند إليه، وبذكر حذف المسند، وبذكر حذف المتعلقات، وأفردوا حديثًا عن حذف المفعول به.
حذف المسند إليه:
قالوا: مِن أغراض حذف المسند إليه: الاحتراز عن السأم والعَبَث، كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: 2) فَذِكْرُ المسند إليه لو قلنا: هو: {هُدًى} يثير قلقًا؛ لشدة قرب الكتاب الماثل أمام النفس، ويبعث فيه السأم؛ لوضوحه وقرب الحديث عنه.
وكذلك قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} (القارعة: 10، 11) وندرك هذا إذا تأملنا الفرق بين هذا الأسلوب الموجز وبين أن يقال: وما أدراك ما هي، هي نار حامية. من الإسراع إلى ذكر النار بعد أن أشار الشوق بالسؤال عنها.
ومنه قوله تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} (الهمزة: 4 - 6) وقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (البقرة: 18) فما دام ذلك في معرض الحديث عنهم، فليس في حاجة إلى إعادة ذكرهم.
هذا هو الغرض الأول الذي ذكروه، ومثَّلوا له بأمثلة عديدة في القرآن الكريم، لأجلها حُذِفَ المسند إليه ولم يذكر.
ومن الأغراض التي ذُكرت أيضًا لحذف المسند إليه: هو قوة ظهوره وتعينه بما لا يتوهم معه أحد إسناد الخبر إلى غيره، وعبَّر عنها بعضهم بقوله: كون المسند لا يصلح إلا له. واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ