فأول هذه الأغراض التي ذكروها هي الاحتياط بضعف التعويل على القرينة. بمعنى: أن هناك قرينةً تدل على المسند إليه لو حذف، ولكن هذه القرينة إما أن تكون خفية وإما أن تكون مشتبهًا فيها، فالأولى أن يذكر المسند إليه في حديثك، ثم تمضي فترة حتى يطول عهد السامع به، فيذكر ثانيًا؛ لاحتمال غفلة السامع عنه بطول عهده به، أما الثاني فهو أن يذكر المسند إليه في حديث، ثم يحول مجرى الحديث في شأن غيره، فيذكر ثانيًا؛ لئلا يشتبه السامع في المحدث عنه أهو الأول أم الثاني؟ فقد ضعف التأويل على القرينة في الموضعين، فلذلك لا بد لك من أن تذكر المسند إليه.
مثال الأول: كأن تقول: شوقي نعم الشاعر، فتذكر المبتدأ -الذي هو شوقي- إذا سبق ذكر شوقي في حديث وطال به عهد السامع، أو ذُكر معه حديث في شأن غيره واشتبه الأمر على السامع.
هذا أول ما ذكروه من ضرورة ذكر المسند إليه.
كذلك ذكروا غرضًا ثانيًا وهو التنبيه على غباوة السامع، بمعنى: أن الذي تخاطبه لا يفهم إلا بالتصريح، فلذلك أنت تذكر المسند إليه كأن ترى امرأً غافلًا عن سماع القرآن، أو لاهيًا عنه، فتقول له: القرآن شفاء القلوب، تنبهه بذلك على أن ينتبه وأن يستمع، وأن القرآن فيه فائدة، فذكرته. ومن لطيف ذلك ما ذكر في كتاب الله -سبحانه وتعالى- في نبأ فرعون مع موسى -عليه السلام- فعندما خاطبه فرعون، وقال: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} (طه: 49) قال له