ما يتعلق بقضية الترادف:
فأقول: هل هناك ترادف في القرآن؟ هل يجوز أن يكون هناك لفظ يؤدي معنًى لفظ آخر؟
هذه القضية اهتم العلماء ببيانها وبالحديث عنها، الصحيح الراجح أن الترادف يجوز في غير السياق، بمعنى: إنني إذا قلت لك: ما معنى السبيل؟ تقول: الطريق، هذا المعنى أو هذا الترادف في بيان المعنى عام خارج السياق، أما داخل السياق لا بد أن تعي معنى الكلمة، فإنها تؤدي معنًى لا يؤديه غيرها، لذلك اهتم العلماء اهتمامًا بالغًا بهذه القضية، حتى أفرد الزركشي في (البرهان) بابًا بعنوان: قاعدة هناك ألفاظ يظن بها الترادف وليست منه، فلا يقوم مرادفها فيما استعمل فيه مقام الآخر وأدى إلى القول بالقطع بعدم الترادف ما أمكن، فإن للتركيب معنًى غير معنى الإفراد، وهذا ما ذكرناه من أن أكثر الأصوليين على ذلك، أنه لا ترادف في التراكيب، وإنما خارج التراكيب يجوز أن يكون للكلمة مرادف يستخدم، أما في الاستخدام لا تستخدم إلا ما يؤدي المراد في سياقه.
وضرب أمثلةً بالفرق بين الخوف والخشية؛ فالخشية أعلى من الخوف، وهي أشد الخوف، ولذلك خصت الخشية بالله -سبحانه وتعالى- وكذلك الخشية تكون من عظم المغشي، أما الخوف يكون من ضعف الخائف، لذلك قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (الرعد: 21) فإن الخوف من الله -سبحانه وتعالى- بعظمته يخشاه كل أحد كيف كانت حاله، أما سوء الحساب فقد لا يخاف منه مَن حاسَب نفسه ومَن عمل لمآله، وذلك من اللطائف أن الله -سبحانه وتعالى- لَمَّا عبر بالخوف عن الرب -سبحانه وتعالى- قال {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ} (النحل: 50) كان الكلام على الملائكة وليس عن البشر، فإن الملائكة لما علم قوتهم وعلم عظم حالهم، بين المولى -سبحانه وتعالى- أنهم بالنسبة لجلال ربهم ضعفاء، فاستخدم الخوف: يخافون ربهم من خوفهم ويفعلون ما يؤمرون.