وَزَادَهُمْ نُفُورًا} (الفرقان: 60) هم يعلمون أن الرحمن مشتق من الرحمة، ويعلمون هذه الكلمة، ولكنهم سألوها تعنتًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما سأل فرعون موسى -عليه السلام-: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء: 23) مع أنه هو القائل: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (النازعات: 24) فهو يعرف كلمة الرب لكنه يتعنت في محاورته موسى -عليه السلام-.
الغرض الثاني -أو السبب الثاني- هو استهداف المشركين إظهار القرآن في مظهر المتهافت والعابس اللاهي، فيتطلقون ألفاظًا على سبيل التهكم والسخرية من الألفاظ القرآنية، وقصتهم مع الزقوم مشهورة، فإنهم يعلمون أن الزقوم هو التمر بالزبد، فيتهكمون على ذلك بالقرآن الكريم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوعدهم بالزقوم، فجاء أبو جهل -كما روي- وجمع صناديد قريش، وأمر الجارية فقال لها: زقمينا زقمينا!! فظلت تدور عليهم بالزبد والتمر، ويقول: هذا ما توعدكم به محمد! وسخريةً من خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فبين الله أن الزقوم الذي ذُكِر في كتاب الله ليس هو الذي تسخرون به، أو تفهمونه من كلامكم هذا، وإنما هي: {شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (الصافات: 64، 65).
حتى إنهم من مدى استهدافهم معاداة النبي -صلى الله عليه وسلم- والمجادلة بالباطل، طرحوا سؤالهم الساذج أن النار تأكل الشجر، فكيف تنبت الشجرة في النار؟ فبين المولى -سبحانه وتعالى- أن ذلك الوعيد هو الذي سيعلمونه، وهو الذي سيرونه.
كذلك أيضًا ما ذكر من سخريتهم في عدد الملائكة عليها تسعة عشر، ومن قول قائلهم: أنا أكفيكم عشرة منهم، وعلى الباقين أن يكفوا تسعة ... إلى غير ذلك مما ذكر في السيرة.