كذلك حكم إتيان المرأة بعد الطهارة من الحيض، اختلف الفقهاء فيه نتيجة اختلاف القراءتين في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (البقرة: 222) فقرئ تواترًا: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} وقرئ: "حتى يطَّهرن". فالتطهر والطُّهر على تلك القراءتين اختلف عليه حُكم الفقهاء في إتيان المرأة عقب طهارتها، فهل يكفي أنها تطهر؟ بمعنى: ينقطع دم الحيض عنها فيجوز إتيانها، أم أنه يجب عليها أن تغتسل فتتطهر قبل أن يأتيها زوجها؟ فلذلك اختلف الفقهاء نتيجة تنوع القراءتين؛ فذهب جمهورهم: إلى أن المرأة إذا انقطع حيضها لا يحل لزوجها مجامعتها إلى بعد أن تغتسل بالماء، وذهب أبو حنيفة: إلى أن المراد بالطهر انقطاع الدم، فإذا انقطع دم الحيض جاز لزوجها أن يطأها قبل الغسل.

ذلك أمثلة لما نتج عن الخلاف الفقهي الناتج عن القراءات القرآنية.

الإعجاز البياني واللغوي في تنوع القراءات

ننتقل إلى جانب آخر من جوانب الإعجاز في تنوع القراءات، وهو جانب ذو أهمية عظيمة، وهو جانب الإعجاز البياني واللغوي في تنوع القراءات. فإن تغاير القراءات أثَّر لغويًّا في جوانب الإعراب، وكذا في جوانب التصريف، والجوانب البلاغية فيما يتعلق بالتوجيه البلاغي.

فنبدأ بالحديث عن تغاير القراءات في النواحي الإعرابية:

معلوم أن الإعراب يساعد على وضوح المعنى وتحديده، ويزيل اللبس، ويكشف الغموض، ويعطي الكلمات حرية الحركة، فتتنوع التراكيب بتنوع الموقف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015