من الطواف بالبيت العتيق. فهل هو واجب بدلالة قراءة الأمر: {وَاتَّخِذُوا}؟ أم أن المسألة سنة، ودليل ذلك أن الفعل جاء بصيغة الإخبار أي: صيغة الماضي "واتخَذوا من مقام إبراهيم" وليس بصيغة الخطاب إلى مَن يخاطَب وهو مكلف بهذا الفعل؟

كان ذلك هو الخلاف بين الفقهاء مترتبًا على تنوع القراءتين بين الأمر والمُضي. فذهب أبو حنيفة والشافعي -في أحد قوليه-: إلى أن صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم -عليه السلام- واجبتان، وذهب الإمام مالك وأحمد والشافعي -في قوله الثاني-: إلى أن صلاة الركعتين خلف مقام إبراهيم -عليه السلام- سنة، وذلك ناتج عن الاختلاف في القراءتين، وأدلتهم في ذلك يرجَع فيها إلى كتب الفقه.

كذلك في قول الله -سبحانه وتعالى-: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (النساء: 43) فقرئت: {لَامَسْتُمُ} بالألف، وقرئت: "لمستم" بدون الألف، وترتب على ذلك خلاف واضح بين الفقهاء في حكم مس المرأة، هل لَمْس المرأة ينقض الطهارة أو ينقض الوضوء، أم أنه لا ينقض الوضوء؟ وانبني الخلاف على تنوع القراءتين بين: {لَامَسْتُمُ} بالألف وبين "لمستم" بدون الألف. فذهب أبو حنيفة: إلى أن لمس الرجل للمرأة لا ينقض الوضوء مطلقًا سواء أكان اللمس بشهوة أو بغير شهوة، وذهب مالك وأحمد: إلى أن لمس المرأة بشهوة ناقض للوضوء، فإن كان بغير شهوة فلا ينتقض الوضوء به، وذهب الشافعي: إلى أن لمس الرجل للمرأة بدون حائل ينقض الوضوء سواء كان اللمس بشهوة أم بغير شهوة، باستثناء المحارم، فكان منشأ الخلاف هو تنوع القراءتين كما هو واضح من معنى اللمس والملامسة، وهل هي تنصب حول الجِماع أم مجرد اللمس فقط؟ وهذا معروف في النواحي الفقهية، ونتج عن تنوع القراءتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015