إعادة الخافض، وهذا لا يكون في لغة العرب، فالأصل أن يُعاد حرف الجر مع المخفوض فيقال: وبالأرحام، وعلى ذلك ما جاء في القرآن: {مِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (الأحزاب: 7) {إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} (الزمر: 65) {لِي وَلِوَالِدَيَّ} (نوح: 28) بإعادة الخافض مع الاسم الظاهر بعد الضمير، فمن ثم اعترضوا على قراءة حمزة بن حبيب، وهو مَن هو من القراء، ولا وجه لهذا الاعتراض؛ لأن العطف على الضمير المتصل المجرور جائز في لغة العرب، وثابت في كلامهم وفي نثرهم وفي نظمهم، بل القراءة شاهد واضح على جواز العطف على الضمير المتصل المجرور، وإن كان الأولى والأقيس والأشهر إعادة الخافض، إلا أن الجار دون إعادة الخافض يسلَّم به بما نقلت به القراءة.
كذلك عندنا الحديث المشهور عن قراءة ابن عامر بجر: {شُرَكَائِهِمْ} (الأنعام: 137) في سورة الأنعام، وما ادعاه الزمخشري من أن ابن عامر نظر في بعض مصاحف أهل الشام فرآها مرسومةً هكذا، فظن أنها مخفوضة أو مجرورة، وذلك قول لا يعول عليه ولا يقبل من مثله، ورحم الله جميعهم.
أما اشتراط صحة السند فهذا لا مراء فيه ولا جدال؛ لأن القراءة سنة متبعة، وهو الأساس فيها طالما صحت لا ينظر إلى غيرها. والشيخ ذكر بعض القراءات المتواترة المعروفة من إسكان العلامة الإعرابية أو عدم ظهور العلامة الإعرابية، كقوله تعالى: "فَتُوبُوا إِلَى بَارِئْكُمْ" (البقرة: 54) بسكون الهمزة دون جرها بالكسرة.
وبعد ذلك ننبه أو نشير إشارة بسيطة إلى أن ما عدا القراءات السبعية أو العشرية المتواترة لا يقرأ به قولًا واحدًا، أو لا يعد قرآنًا، فإنه لم يقرأ بالشاذ على أنه قرآن وإن كان يحتج به في سائر الأحكام اللغوية والشرعية، وغير ذلك مما هو مشهور عند جمهور العلماء.