لونٌ آخر من بيان النسق الصوتي في القرآن الكريم: وهو ما يُسميه بعض اللغويين بـ "حروف الزيادة"، هذه الحروف الزائدة أو جود زيادة أو حرف زائد- هذه المسألة ننبه إليها الآن تنبيهًا بسيطًا، وسنأتي إليها تفصيلًا -إن شاء الله-سبحانه وتعالى- فيقال: أولًا: هذا الادعاء الزائد إن أريد به زيادة في اللفظ والمعنى فهذا كفر والعياذ بالله، لا يقوله أحد من أهل العلم ولا من أهل الجهل حتى، لا يقوله إلا جاحد منكر والعياذ بالله، أما المقصود باللفظ الزائد عند العلماء والذي يذكرونه، حتى إن كثيرًا منهم يحرص على تسميته بحرف صلة، يعني: ولا يقول حرف زائد، حرف صلة يتوصل به إلى معنى معين، وكثير منهم يصرف المعنى للتوكيد في وجود الزيادة وغيرها، وهذه القضية -إن شاء الله- سنتعرض لها، إنما نعرف الآن أنهم لا يقصدون بالزائد أنه زيادة في المعنى، حاشا لله، وإنا يقصد به بالمصطلح ما يريدونه في علمهم؛ يعني أهل النحو عندما يقولون: زائد، يريدون به أنه لا يؤثر في الإعراب، أن ما بعده يُعرب حسب موقعه في الكلام، لا يريدون به أنه زيادة في المعنى، أو أنه يستغنى عنه، حاشا لله.
المهم أننا ندعوك الآن لأن تنظر لبعض الحروف التي هي في عرف اللغويين من حروف الزيادة، بمعنى أنها جاءت في موضع ذكرت فيه وما بعدها أعرب حسب موقعه في الكلام، فضرب الشيخ هنا مثالين، قال في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} (آل عمران: 159)، وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} (يوسف: 96) يقول الشيخ: فإن النحاة يقولون ما في الآية الأولى وأن في الثانية زائدتان أي في الإعراب، فيظن من لا بصر له أنهما كذلك في النظم، ويقيس عليه، مع أن في هذه الزيادة لونًا من التصوير لو هو حُذف من الكلام لذهب بكثير من حسنه وروعته.