يعني تُعطى من أسباب الفصاحة أنها جاءت على الفاصلة "فاصلة السورة" سورة النجم تنتهي بالألف المقصورة {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (النجم: 1 - 9).
إلى أن قال الله -سبحانه وتعالى- في إنكاره على من يدعون له -سبحانه وتعالى- البنات وينسبون لأنفسهم الأولاد، فيدعون أن الملائكة إناثًا وهو بنات الله -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فيقول الله -سبحانه وتعالى- لهم موبخا: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} (النجم: 21، 22) فما ادعوه غريب، فيقال بلفظ غريب؛ هم ادعوا لله -سبحانه وتعالى- البنات ولأنفسهم الأولاد ادعوا لأنفسهم كمالا لم ينسبوه إلى خالقهم!! هذا أمر وشأن عجيب من هؤلاء الجاحدين الكافرين، الذين لا يؤمنون بالله رب العالمين، فقابل ذلك غرابة في اللفظ، فهي تلائم لغرابة هذه القسمة العجيبة التي ذكروها، وهذا الكلام الباهت الجائر الذي تقولوه، والذي نطقوا به، هذا مظهر آخر في جمال اللفظة؛ فأولا تناسب الفاصلة وثانيا تناسب الكلام الذي قالوه في غرابته وفي المبالغة في الإنكار عليه، كذلك تجد أنها تتألف من حروف تعطي معنى حسيّا يؤثر في نفسك؛ يعني أمر صعب {ضِيزَى} يعني أنت عندما تنطقها تستعد لإخراج الضاد من مخرجها والنطق بها؛ فهي تؤثر فيك حسيّا قبل أن تتلفظ بها، كذلك تجدها من مقطعين أحدهما مد ثقيل والآخر مد خفيف، وجاءت عقب غنتين: إِذًا/ قِسْمَةٌ/ أيضًا الغنتان إحداهما خفيفة والأخرى ثقيلة، فتجد أنها جمعت لك في هذا النطق وبهذا الشكل تلاؤمًا تواؤمًا في مخارج اللفظ ونطق الكلمة {ضِيزَى}، فهذا ما أشير إليه في هذه اللفظة الكريمة في كتاب الله سبحانه وتعالى.