ومن هذا المنطق بدأت فكرة البحث، في مراحل النمو الجنيني، ولأن خلق السمع والبصر مقام إنشاء، فقد توقعت أن يرد ذكر السمع قبل البصر في آيات الخلق، وفعلًا جاء خلق السمع والبصر في خمس سور في القرآن الكريم، هي النحل آية 78، المؤمنون آية 78، السجدة من 7 إلى 9، الملك 23، الإنسان 2، وكلها جاء فيها ذكر السمع قبل البصر، وكذلك في الحديث الصحيح جاء ذكر السمع قبل البصر، وبالبحث في مراجع علم الأجنة، وجدنا أن المسميات التي وضعها العلماء الغربيون في القرن العشرين، ترجمتها الحرفية هي ما جاء في الحديث الصحيح، منذ أكثر من 1423 سنة، فقد جاءت كلمة شق سمعه وبصره فائقة الإعجاز؛ لأن شق البصر يوجد في الأنبوبة العصبية قبل انغلاقها، ثم تبرز من الشق حويصلة البصر، أما شق السمع فإن الأذن الخارجية، تتكون حول شقٍّ في العنق يُسمى الشق الأول، ثم تنمو لأعلى حتى تحاذي العينين.
أما تصوير الوجه وتعديل وضع العينين، فجاء مصداقًا للحديث الشريف بعد اليوم الثاني والأربعين، لكي تتضح المعالم الآدمية ويتم نمو جهاز السمع؛ الأذن الخارجية والوسطى والداخلية في الحياة الجنينية، فتختفي السدادة الموجودة في قناة السمع الخارجية، وتتعظم العُظيمات الثلاثة الموجودة في الأذن الوسطى، وتتعظم قوقعة الأذن الداخلية، فتصبح كلها مثل عظام الشخص البالغ، وكذلك تتم إحاطة ألياف السمع العصبية إحاطة تامة، بغمد الميلين في الحياة الجنينية؛ وبذلك تصل حاسة السمع إلى تمام النضج الوظيفي قبل حاسة البصر؛ بحيث يسمع الجنين وهو في الرحم، ابتداء من الأسبوع الرابع والعشرين.
أما الإبصار فلا يتم في الحياة الجنينية؛ لأن الجنين في ظلمات ثلاث؛ من ظلمة جدار البطن وجدار الرحم والأغشية المحيطة بالجنين، ويكون الوليد ضعيف البصر. ولا يتم نمو البقعة الصفراء المسئولة عن الإبصار المركزي إلا في وجود