4 - رؤية الأفق دومًا على هيئة دائرة تامَّة الاستدارة، واتَّساع دائرته بارتفاع الرَّائي فوق سطح الأرض.
5 - ظهور قمم الجبال البعيدة قبل سفوحها بتحرك الرائي إليها، واختفاء أسافل السفن قبل أعاليها في تحركها بعيدًا عن الناظر إليها.
وقام علماء المسلمين في هذا العصر الذهبي بقياس محيط الأرض بدقة فائقة، وبتقدير مسافة درجة الطول في صحراء العراق، وعلى طول ساحل البحر الأحمر، وكانوا في ذلك سابقين للحضارة الغربية بتسعة قرون على الأقل؛ فقد أعلن الخليفة المأمون لأول مرة في تاريخ العلم ب منهجية استقرائية دقيقة أن الأرض كروية، لكنها ليست كاملة الاستدارة.
ثم جاء نيوتن في القرن السابع عشر الميلادي يتحدث عن نقص تكوُّر الأرض من منطلق آخر؛ إذ ذكر أن مادة الأرض خاضعة لقوَّتين متعارضتين: قوة الجاذبية التي تشدُّ مادة الأرض إلى مركزها، والقوة الطاردة المركزية الناشئة عن دوران الأرض حول محورها، والتي تدفعها إلى الخارج، والقوة الأخيرة تبلغ ذروتها عند خط استواء الأرض، فتؤدِّي إلى انبعاجها قليلًا بينما تنقص إلى أقل قدر لها عند القطبين فيتفلطحان قليلًا، ثم جاء تصوير الأرض من الفضاء في أواخر القرن العشرين ليؤكد كلًّا من كروية الأرض، وانبعاجها قليلًا عند خط الاستواء.
من الحقائق الثابتة عن الأرض أنها مكورة؛ كرة أو شبه كرة، ولكن نظرًا لضخامة أبعادها فإن الإنسان يراها مسطَّحة ب غير أدنى انحناء، وهكذا ساد الاعتقاد بين الناس بهذا التصوُّر للأرض إلى زمن الوحي للقرآن الكريم، وإلى قرون متطاولة من بعد ذلك بين العوام إلى يومنا هذا، على الرغم من وجود عدد من الملاحظات القديمة التي تُشير إلى كرويتها.