ملحوظا يجعله يعظم ويطول على ما حوله من الأرض، وجمعه جبال وأجبال، ودونه في الارتفاع التل، ودون التل الربوة أو الرابية أو الأكمة وجمعها آكام، ودون الأكمة الهضبة، ودون الهضبة السهل، ودون السهل المنخفض.
أما أرساها الفعل رسا يرسو فمعناه ثبت وقر، ويستخدم الفعل أرسى مجازا بمعنى تهدئة الأمور، وجاءت لفظة رواسي بهذا المعنى في القرآن الكريم؛ مثل قوله تعالى:} وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ {(المرسلات: 27) يعني جبال عالية مرتفعة. فإذا تتبعنا أقوال المفسرين في تفسير قول الحق -سبحانه-:} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ {نجد أن ابن كثير -يرحمه الله- ذكر ما مختصره؛ أي قرها وأثبتها في أماكنها، وهو الحكيم العليم الرءوف بخلقه الرحيم، وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها كل ذلك متاعا لخلقه، ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذه الدار إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل.
وجاء في تفسير (الجلالين) ما نصه: أثبتها على وجه الأرض لتثبت، متاعا مفعول له لمقدر؛ أي فعل ذلك متعة أو مصدر؛ أي تمتيعًا لكم ولأنعامكم جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم. وجاء في (الظلال) ما مختصره: وإرساء جبالها متاعا للإنسان وأنعامه، وهي إشارة توحي بحقيقة التدبير والتقدير في بعض مظاهرها المكشوفة للجميع. وجاء في (صفوة البيان لمعاني القرآن) ما نصه:} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {؛ أي أرسى الجبال؛ أي أثبتها في الأرض؛ كي لا تميد وتضطرب، وقوله َ:} أَرْسَاهَا {تفسير للفعل المضمر قبله} مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ {؛ أي تمتيعا لكم ولأنعامكم. والآية تقريع لكفار مكة المنكرين للبعث زاعمين صعوبته بعد أن بين الله كمال سهولته بالنسبة إلى قدرته. وجاء في (المنتخب): والجبال ثبتها متاعا