الذبابة على الانقضاض على الشراب أو الطعام، فتحمل منه بواسطة كل من فمها والزغب الكثيف المتداخل الذي يغطي جسمها ما تحمل، ثم تهرب مبتعدة في عملية استلاب حقيقية بمعنيها لاختلاس ونزع الشيء على القهر.
ثانيًا: في قوله تعالى: {لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} يعرف العلماء اليوم من أنواع الذبابة الحقيقية المجموعة في رتبة ثنائيات الأجنحة حوالي مائة ألف نوع، وتنتشر هذه الأنواع من الذباب انتشارا هائلا في مختلف بيئات الأرض، وتسيطر على مساحات شاسعة من أماكن انتشارها سيطرة كاملة، لا تُمكِّن الإنسان من مجرد اجتيازها فضلا عن العيش فيها، ومن حيث الانتشار على الأرض تأتي الحشرات في المقام الأول بين مختلف مجموعات الحياة، ويأتي الذباب في المرتبة الثالثة بعد كل من النمل والبعوض.
ولولا التوازن الدقيق الذي وضعه ربنا -تبارك وتعالى- بين مختلف مجموعات الحياة لغطت جيوش الذباب سطح الأرض بالكامل، وجعلت الحياة عليها مستحيلة وذلك لأن الذبابة تضع نحو أربعمائة بيضة في المرة الواحدة في المتوسط، وأن من أنواع الذباب ما يتكاثر بمعدلات أعلى من ذلك بكثير، بحيث لو قدر لجميع بيضها أن يفقس وأن يعيش كل ما يخرج منه ويتوالد لنتج عن الزوج الواحد من الذباب خلال فصل واحد من فصول السنة ما تعداده يفوق رقم 10 مسبوقا بستين صفرا، ولكن الله تعالى من عظيم حكمته يسلط من مخلوقاته مثل الطيور والنمل وغيرها ما يستهلك أغلب بيض الذباب كطعام له.
والذباب يتغذى عادة على النفايات المختلفة، وإن كانت أشربة الناس وأطعمتهم لا تسلم من هجماته، والذباب المنزلي تتذوق الشراب أو الطعام بمجرد أن تحط عليه، وذلك بواسطة خلايا حسية منتشرة في كل من شفتها وأقدامها، فإن راقها