بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني عشر
(تابع الإعجاز في ضرب المَثَل بالذباب - ضرب المَثَل بالبعوضة)
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
سنتابع شرح قوله تعالى: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} (الحج: 73) ونتابع الدلالات العلمية لهذا النص الكريم:
تستمد الذبابة مهاراتها الفائقة في الإقلاع والطيران والهبوط من التصميم المثالي لجسدها ولأجنحتها؛ إذ إن النهايات السطحية للأوردة المنتشرة في تلك الأجنحة تحمل شعيرات حساسة جدا لقياس ضغط الهواء واتجاه الريح، كذلك فإن أجهزة الحس الموجودة تحت الأجنحة وخلف رأس الذبابة تقوم بنقل معلومات الطيران إلى دمائها باستمرار، ثم إلى رأسها الذي يرسل أوامر إلى العضلات باستمرار أيضا؛ لتوجيه الأجنحة في الاتجاه الصحيح، وبذلك يتم توجيه الذبابة في أثناء الطيران بدقة وإحكام فائقين، مما يعينها على إصابة الهدف وتجنب المخاطر بكفاءة عالية.
ويعين الذباب في ذلك أيضا عينان مركبتان لا يزيد حجم الواحدة منها على نصف المليمتر مكعب، وتتكون كل عين منهما من ستة آلاف عيينة سداسية لها القدرة على الرؤية في جميع الاتجاهات، وكل واحدة من هذه العيينات مرتبطة مع ثمانية أعصاب مستقبلة للضوء؛ اثنان منها للألوان وستة متخصصة في ضبط تحركات الذبابة؛ لأنها تكشف كل شيء في المجال البصري لها، وبذلك يكون مجموع الخيوط العصبية في الواحدة من عيني الذبابة ما يقدر بثمانية وأربعين ألف خيط عصبي، يمكنها معالجة أكثر من مائة صورة في الثانية الواحدة.
هذا بالإضافة إلى مليون خلية عصبية متخصصة بالتحكم في حركة الذبابة من أعلى إلى أسفل وبالعكس، ومن الأمام إلى الخلف وبالعكس، كل ذلك يعين