من دون الله لن تقدر على خلق ذبابة على ضعفها، وإن اجتمعت على ذلك فكيف يليق بالعاقل جعلها آلهة وعبادتها من دون الله.

قال القرطبي: "وخص الذباب لأربعة أمور؛ لمهانته وضعفه ولاستقذاره وكثرته، فإذا كان هذا الذي هو أضعف الحيوان وأحقره لا يقدر من عبدوه من دون الله على خلق مثله ودفع أذيته؛ فكيف يجوز أن يكونوا آلهة معبودين وأربابا مطاعين؟! وهذا من أقوى الحجج وأوضح البراهين؛ وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه؛ أي لو اختطف الذباب وسلب شيئا من الطيب الذي كانوا يضعونه على الأصنام لما استطاعت تلك الآلهة استرجاعه منه رغم ضعفه وحقارته {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} أي ضعف العابد الذي يطلب الخير من الصنم، والمطلوب الذي هو الصنم؛ فكل منهما حقير ضعيف".

ب- من الدلالات العلمية للنص الكريم:

أولًا في قوله تعالى: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} الاستلاب في اللغة هو الاختلاس، والسلب هو نزع الشيء من الغير على القهر، والسلب والسليب هو الشخص المسلوب والناقة التي سلب ولدها، والسلب أيض ً اهو الشيء المسلوب، ويقال للحاء الشجر المنزوع منه.

وفي استخدام القرآن الكريم تعبير {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} ومضة معجزة؛ لأن الذباب يختلس ما يأخذه من أشربة وأطعمة الناس اختلاسا، وينزعها منهم نزعا على القهر لعجزهم عن مقاومته في أغلب الأحوال. فحركات الذبابة المنزلية على درجة عالية من التعقيد؛ إذ تبدأ في الاستعداد للطيران بتحديد العضلات التي سوف تستخدمها، ثم تأخذ وضع التأهب للطيران؛ وذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015