العلماء إلا في القرن العشرين بل في العقود المتأخرة منه، وعلى الرغم من قلة كثافة المادة في المسافات بين النجوم، والتي تصل إلى ذرة واحدة من الغاز في كل سنتيمتر مكعب تقريبا، وإلى أقل من ذلك بالنسبة للمواد الصلبة كالغبار الكوني، إذا ما قورن بحوالي مليون مليون مليون أي عشر جزيء في كل سنتيمتر مكعب من الهواء عند سطح الأرض، فإن كمية المادة في المسافات بين النجوم تبلغ قدرا مذهلا للغاية، فهي تقدر في مجرتنا سكة التبانة وحدها بعشرة بلايين ضعف ما في شمسنا من مادة، مما يمثل حوالي 5% من مجموع كتلة تلك المجرة.
ثانيًا: إن في الإشارة القرآنية الكريمة {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} (الذاريات: 47) أي بقوة وحكمة واقتدار تلميحا إلى ضخامة الكون المذهلة وإحكام صنعه، وانضباط حركاته ودقة كل أمر من أموره، وثبات سننه وتماسك أجزائه وحفظه من التصدع أو الانهيار، فالسماء لغة هي كل ما علاك فأظلك ومضمونا هي كل ما حول الأرض من أجرام ومادة وطاقة السماء التي لا يدرك العلم الكسبي إلا جزءا يسيرا منها، ويحصي العلماء أن بهذا الجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي بليون مجرة على أقل تقدير، بعضها أكبر كثيرا من مجرتنا درب التبانة أو سكة التبانة، وبعضها أصغر قليلا منها، وتتراوح أعداد النجوم في المجرات بين المليون والعشرة ملايين وملايين الملايين. وتمر هذه النجوم في مراحل من النمو مختلفة من الميلاد إلى الطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة ثم الوفاة، ولما كان لأقرب النجوم إلينا وهي شمسنا توابع من الكواكب والكويكبات والأقمار وغيرها فإن القياس يقتضي أن يكون للنجوم الأخرى توابع، قد اكتشف عدد منها بالفعل ويبقى الكثير منها ما لم يتم اكتشافه بعد.
ثالثًا: تشير هذه الآية الكريمة إلى أن الكون الشاسع الاتساع الدقيق البناء المحكم الحركة والمنضبط في كل أمر من أموره، والثابت في سننه وقوانينه قد خلقه الله