مسألة: في ضوابط قبول التفسيرات المبنية على العلوم الكونية والتجريبية:
بعد هذا المطاف في هذا المقال أقف عند نقطته الأخيرة، وهي ضوابط قبول التفسيرات المبنية على هذه العلوم المعاصرة، فأقول:
إنَّ من المهم جدّاً لدارس علم التفسير أن يعرف الصحيح من الضعيف في التفسير، ولا يمكنه ذلك إلا إذا كانت هناك ضوابط وقواعد واضحة يعمل بها.
وقد اطلعت على ما كتبه بعض المعتنين بالإعجاز من الضوابط فألفيتها تحتاج إلى ضبط وتدقيق، وأنَّ هناك ضوابط لم تُذكر، وإليك ما ظهر لي مما أراه في ضوابط قبول هذه التفسيرات:
أولاً: أن تكون القضية المفسَّرُ بها صحيحةً في ذاتها، فإن كانت باطلة فلا يصحُّ أن يُحمل القرآن عليها:
وتظهر صحتها من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: صحتها من جهة الوقوع.
الوجه الثاني: دلالة اللغة عليها.
الوجه الثالث: عدم مناقضتها للشرع.
أما الوجه الأول: فلا يمكن أن يدركه إلا المتخصص بتلك الواقعة من فلكي أو طبيب، أو جيولوجي، أو غيرهم؛ كلٌّ في تخصصه.
وما ذلك إلا لأنَّ العالم بالتفسير، أو بالشريعة لم يدرس هذه العلوم ليدرك صحة الواقعة من خلافها، لذا فإنه يعتمد على ما يذكره العالم بتلك الواقعة ثقةً به في علمه، فإذا أخبر الطبيب عن الظلمات الثلاث بحسب ما وصل إليه علم الطب الآن، فإنه لا سبيل للمفسر إلى إنكار ذلك، بل شأنه التصديق ثقة بالمخبر عن ذلك.