موجهاً للمسلمين، فسبيله في تقوية الإيمان، وإن كان موجَّهاً للكفار فهم ـ عندي ـ على طبقات ثلاث:
الأولى: طبقة الساسة والمنظرين لهم، وهؤلاء يناصبون الإسلام العداء ظاهراً، ولا يُقرُّون به.
الطبقة الثانية: طبقة الباحثين في العلوم من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من المفكرين والمثقفين، وواقع الدعوة بالإعجاز العلمي أنه موجَّه لهؤلاء، وما آمن منهم إلا قليل.
الطبقة الثالثة: عامة الناس، وهم الأغلب في العدد، وهؤلاء ليس لهم شأن بالعلم والجدل، بل همُّهم وعنايتهم بلقمة عيشهم واتباع رغباتهم، ومن عاش في الغرب أو الشرق ظهر له ذلك، من ثمَّ، فإن تضخيم جانب العلم عند الغرب، ـ وأنهم لا يقتنعون إلا بالعلم ـ فيه نظرٌ، بل هو شرفٌ لا يدَّعونه، فكيف ننسبهم إليه، والحضارة الغربية أو الشرقية تقوم على أفراد قلائل، بل إن الغرب عنده قدرة على استقطاب الباحثين من الشرق ليرفعوا لواء حضارتهم، والموضوع في هذا يطول.
ثم إنه لم يكن شأن الإسلام في دعوة الناس بهذا الأسلوب، ولا أراه مما تقوم به الدعوة، فهل المقصود بيان الحقِّ الذي في الإسلام فقط؟!
إن كثيراً من المعرضين عنه اليوم، بل كبار محاربيه يعلمون بأنه حقٌّ، ويصدق فيهم قول الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].
ومقام الإعجاز في الدعوة إلى الله مما يحتاج إلى بحث وتقويم نقدي غير مندفع بالعواطف الجياشة التي قد تغلب على طبيعة البحث العلمي، فتخرج نتائجه مرضية للعواطف لا للعلم الحقِّ.