نبي أمي صلّى الله عليه وسلّم في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين، فإن ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم، وسوف يحضهم على قراءة كتاب الله الذي ما اطلع عليه عاقل إلا وشهد أنه لا يمكن أن يكون إلا كلام الله الخالق سبحانه وتعالى ...» (?).
وفي هذا التقليل من شأن التحدي القائم إلى يوم الدين ورفع ما يُسمَّى بالإعجاز العلمي = نظرٌ بيِّن، وهو كلام إنشائي خطابي لم يُقم عليه دليلاً علمياً موثَّقاً، فدعوى أن قضايا الغيب لم يَعد الناس يعتنون بها يُكذِّبه واقع الناس في الشرق والغرب من عنايتهم بالخرافة والسحر والتنجيم والشعوذة، كما أن دعوى أن الناس فتنوا بالعلم ومعطياته مما يكذبه واقع عموم الناس الذين يحرصون على الاستفادة من المنتجات الحضارية دون البحث عن كيفية تركيبها أو طلب تعلُّم ذلك، ولَهَثَ الناس خَلْف رغباتهم، وطلب إشباعها يدلُّ على بُعدهم عن التأثر بالعلم. بل إن الأقدر في الكلام ـ حتى ولو كان مبطلاً ـ هو الذي يستطيع إقناع الناس، وهذا ظاهر من صور حياة الناس اليوم، فهل كان العلم هو الوسيلة التي سَطَى بها الغرب علينا؟! أو كانت القوة؛ وإن خالفت العلم؟!
أما ما يتعلق بإدراك البيان القرآني عند المسلمين، فإنه وإن كان في حقِّ جمهورهم ضعيفاً، إلا أنه لا يزال في أعيانهم من يدركُ ذلك الفرق البين الواضح بالعلم والتحقيق دون ذلك التذوق النفسي الذي يهجم عليها دون مقدمات فتحسُّ بشيءٍ غامضٍ لا تستطيع التعبير عنه مما تجده من روعة القرآن.
كما أنَّ دعوى أن الإعجاز العلميَّ هو الكفيل بدعوة هؤلاء، فيها تزيُّدٌ ومجازفةٌ في تقدير الأمور، فإن كان الحديث عن الإعجاز العلمي