3 - إنَّ إقحام السُّنَّة في مسألة الإعجاز مما لم يُسبق إليه، وليس للسُّنَّة مدخل في الإعجاز، وإنما سهل إدخالها في هذا الباب لأن من أدخلها قد تخلَّص من تعريف السابقين واخترع تعريفاً جديداً يناسب معه دخول السُّنَّة في الإعجاز.
ولو تخلَّص هؤلاء من سلطان مصطلح (المعجزة والإعجاز) لوجدوا بديلاً ينطبق على بحوثهم بدون تكلُّفٍ ـ كما هو ظاهر في تعريفاتهم ـ فلو جعلوا حديثهم منصبّاً على (دلائل صدق أخبار القرآن والسُّنَّة) لكان هذا أولى وأنفع من الارتباط بمفهوم الإعجاز الذي يصعب تطبيقه على مباحثهم.
ولعلك تلاحظ أنَّ (دلائل صدق القرآن والسُّنَّة) هي نتيجة أبحاثهم هذه، وهو ما عبَّروا عنه في نهاية تعريفهم للإعجاز.
وهذا المصطلح (دلائل صدق القرآن والسُّنَّة) أدلُّ على مقصودهم، وألصق ببحوثهم من مصطلح الإعجاز الذي لم يبيِّنوه بياناً شافياً.
4 - إن من بحث في موضوع الإعجاز العلمي يظهر عنده تضخيم جانب الآيات التي تتحدث عن الكون، حتى لقد كرَّر بعضهم في أكثر من مقام أن في القرآن أكثر من ألف آية تتحدث عن الكون، وهو في حديثه هذا يُحيل على العلماء دون أن ينصَّ عليهم بعينهم (?)، وهي ـ في هذا المقام ـ إحالة على غير مليء.
بل إن بعضهم من كثرة ما يردِّد بعض الآيات يُشعِرك أنها إنما نزلت بشأن الإعجاز العلمي، كقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53]،