وكل ما في الأمر أنّ هذه الحقيقة الكونية كانت غائبة من جهة تفاصيلها عن السابقين، فمنّ الله على اللاحقين بمعرفة هذه التفاصيل، فكشفوا عنها، وأثبتوا حقيقة ما جاء في القرآن من صدق، فكان اكتشاف ذلك من دلائل صدق القرآن الذي أخبر عنها بدقة بالغة، لم تظهر تفاصيلها إلا في هذا العصر الذي نبغ فيه سوق البحث التجريبي الذي صارت دولته إلى الكفار دون المسلمين، فصاروا إذا ما اكتشفوا أمرا جديدا عليهم سارع المعتنون بالإعجاز العلمي لإثبات وجوده في نصوص القرآن.
24 - إن كثيراً ممن كتب في الإعجاز العلمي ليست لهم قدم في العلم الشرعي، لا سيما علم التفسير. ص20
25 - كل من دخل إلى التفسير وله أصل، فإن أصله هذا سيؤثر عليه، وسيقع في التحريف، كما وقع التحريف عند المعتزلة الذين جعلوا العقل المجرد أصلا يحتكمون إليه، وكما وقع لغيرهم من الطوائف المنحرفة.
والذي يدل على وقوع الانحراف في هذا الاتجاه الحرص الزائد على إثبات حديث القرآن عن كثير من القضايا التي ناقشها الباحثون التجريبيون.
26 - إنَّ في نسبة الإعجاز أو التفسير إلى "العلمي" = خلل كبير، وأثر من آثار التغريب الفكري. فهذه التسمية منطلقة من تقسيم العلوم إلى أدبية وعلمية، كما هو الحال في المدارس الثانوية سابقا، وفي الجامعات حتى اليوم، وفي ذلك رفع من شأن العلوم التجريبية على غيرها من العلوم النظرية التي تدخل فيها علوم الشريعة.
وإذا كان هذا يسمى بالإعجاز العلمي، فماذا يسمى الإعجاز اللغوي، أليس إعجازا علميا، أليست اللغة علما، وقل غيرها في وجوه الإعجاز المحكية.
لا شكّ أنها علوم، لكنها غير العلم الذي يريده الدنيويون الغربيون الذين أثّروا في حياة الناس اليوم، وصارت السيادة لهم.
ومما يؤسف عليه أن يتبعهم فضلاء من المسلمين في هذا المصطلح دون التنبه لما تحته من الخطر والخطأ. ص21