المثال الأول:
في قوله تعالى: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30].
ورد عن السلف في تفسير هذه الآية قولان (?):
الأول: بسطها، وهو مروي عن قتادة والسدي وسفيان الثوري.
الثاني: إخراجه ماءها ومرعاها، وهو مروي عن ابن عباس وابن جريج وابن زيد.
وهذان الاختلافان يعودان إلى قولين متغايرين غير متضادين، ويمكن اجتماعهما في معنى دحو الأرض؛ لأن بسطها لا يعارض إخراج مائها ومرعاها منها، فكلاهما محتمل، وإن كان الأول أشهر.
وذهب بعض المعاصرين إلى أن الدحو هنا بمعنى جعل الأرض كُرَةً (?)، وهذا المعنى له أصل في اللغة، وهو حقيقة كونية دلَّت عليها آيات قرآنية غير هذه الآية، وبهذا يكون قد تحقق في هذه القضية صحتها من جهة اللغة، وصحتها من جهة الواقع.
لكن هذا لا يلزم من كونها كذلك أن يكون المراد بالدحو كون الأرض كُرَةً، ويكون المعنى: (والأرض بعد ذلك كوَّرها)؛ أي: جعلها كُرَةً.
ولو ذهب مفسر إلى هذا المعنى لكان له وجه، وكان معنًى ثالثاً