سأطرح بعض القضايا المتعلقة به على سبيل الاختصار، فأقول:
1 - إن الأصل أن تتفق الحقيقة الكونية مع النص القرآني لأن مصدرهما واحد، ولا يقع الاختلاف إلا في نظر الناظر، فقد يكون النقص في علمه، إما من جهة الحقيقة الكونية وإما من جهة الحقيقة القرآنية، وفي كلا الحالين لا يمس هذا النقص قدسية القرآن؛ لأن التفسير شيء، وثبوت النص القرآني كلاماً لله شيء آخر.
2 - إن قُصارى الأمر في صحة دلالة النص القرآني على الحقيقة الكونية أنها دليل على صدق القرآن، وبهذا يكون مجال الإعجاز العلمي ومآله إلى هذا، وهو ـ في هذه الحيثية ـ لا يختلف عن الدلائل الأخرى التي تدلُّ على صدق القرآن أو النبوة.
فإذا ثبتت الموافقة قلنا: هذا دليل صدق القرآن وأنه جاء من عند الله وليس من قول البشر، وإذا صحَّت هذه الدعوى طالبنا الناس بالإيمان بها، لكن لا يلزم أنهم سيصدقون، فممن شهِد تنَزُّل القرآن على الرسول صلّى الله عليه وسلّم كفر به، فما بالك بمن جاء بعده.
ومما يحسن التنبيه عليه هنا أن دلائل صدق القرآن لا يمكن أن تحصر، فكل آية من آياته دليل على صدقه، فالجهل بالاستدلال بها اليوم من قِبَلِ بعض الناس لا يعني عدم وجودها، أو أنها لا توجد إلا في الإعجاز العلمي.
كما أن مما يحسن ملاحظته هنا أن ما يسمى بالإعجاز العلمي ليس مختصّاً بالقرآن وحده بل هو مخصوص بكلام الله سواءً أكان نازلاً على إبراهيم أم على موسى أم على محمد صلوات الله وسلامه عليهم؛ لأن كلامه لا يتغير ولا يتبدل، فلا يمكن أن تجد في كتابٍ من كتبه أن السموات ستٌّ أو ثماني سموات، مع ملاحظة أن غير القرآن قد دخله التحريف والنقص، فقد لا يوجد فيه ما يوافق القرآن في بعض هذه القضايا بسبب التحريف، والله أعلم.