صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ فِيهِمْ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146]، يَعْنِي: الْيَهُودَ.
وَالضَّالُّونَ: هُمُ النَّصَارَى; لِأَنَّهُمْ ضَلُّوا فِي الْحُجَّةِ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيَلْحَقُ بِهِمْ فِي الضَّلَالِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي أَثْنَاءِ الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] يَعُمُّهُمْ وَغَيْرَهُمْ، فَكُلُّ مَنْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ دَاخِلٌ فِيهِ.
وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ " الضَّالِّينَ " يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ ضَلَّ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ; كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلًا، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذَا مِثْلُهُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] عَامٌّ فِي كُلِّ ضَالٍّ، كَانَ ضَلَالُهُ كَضَلَالِ الشِّرْكِ أَوِ النِّفَاقِ، أَوْ كَضَلَالِ الْفِرَقِ الْمَعْدُودَةِ فِي الْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَهُوَ أَبْلَغُ وَأَعْلَى فِي قَصْدِ حَصْرِ أَهْلِ الضَّلَالِ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِكُلِّيَّةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي أُوتِيهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ خَرَجْنَا عَنِ الْمَقْصُودِ بَعْضَ خُرُوجٍ، وَلَكِنَّهُ عَاضِدٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.