وَهِيَ أَلفاظ يَفْتَقِرُ أَصحابها إِلى التَّعْلِيمِ، وَكَانُوا قريبي (?) عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، تُعَامِلُ الأَصنامَ معاملةَ الربِّ الْوَاحِدِ سُبْحَانَهُ، وَلَا تُنَزِّهه كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، فَلَمْ يُشْرِعْ لَهُمْ دُعَاءً بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ فِي آثَارِ الصلوات دائماً ليعلِّمهم أَو يغنيهم عن (?) التعلُّم (?) إِذا صَلَّوْا مَعَهُ، بَلْ علَّم فِي مَجَالِسِ التَّعْلِيمِ، وَدَعَا لِنَفْسِهِ إِثر الصَّلَاةِ حِينَ بَدَا لَهُ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِذ ذَاكَ إِلى النَّظَرِ لِلْجَمَاعَةِ، وَهُوَ كَانَ أَولى الْخَلْقِ بِذَلِكَ.
وَالرَّابِعُ: أَن فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدعاءِ تَعَاوُنًا عَلَى البِرّ وَالتَّقْوَى، وَهُوَ مأْمور بِهِ.
وهذا الاحتجاج (?) ضَعِيفٌ؛ فإِن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أُنزل عَلَيْهِ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى} (?)، وَكَذَلِكَ فَعَلَ، وَلَوْ كَانَ الِاجْتِمَاعُ للدعاءِ إِثر الصَّلَاةِ جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ مِنْ بَابِ البرِّ وَالتَّقْوَى؛ لَكَانَ أَوّل سَابِقٍ إِليه، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ أَصلاً، وَلَا أَحدٌ بَعْدَهُ حَتَّى حَدَثَ مَا حَدَثَ، فَدَلَّ عَلَى أَنه لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ الوجه ببرٍّ (?) وَلَا تَقْوَى.
وَالْخَامِسُ: أَن عامَّة النَّاسِ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، فَرُبَّمَا لَحَن، فَيَكُونُ الَّلحْنُ سَبَبَ عدمِ الإِجابة. وحَكَى عَنِ الأَصْمَعي في ذلك حكاية شعريَّة لا فقهيَّة (?).