خِلَافَ الشَّافِعِيِّ وَالْكَلَامَ عَلَيْهِ. وَالْمَقْصُودُ مِنَ المسأَلة: تَوْجِيهُ مَالِكٍ لَهَا مِنْ حَيْثُ إِنها بِدْعَةٌ، لَا تَوْجِيهُ أَنها بِدْعَةٌ عَلَى الإِطلاق (?).

وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ جَرَى بَعْضُهُمْ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ المحلِّل، وأَنه بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ؛ مِنْ حَيْثُ وُجِد فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَعْنَى المُقْتَضي لِلتَّخْفِيفِ والترخيص للزوجين بإِجازة التحليل ليتراجعا كما كانا أَوّل مرَّة، وأَنه لَمَّا لَمْ يُشَرِّعْ ذَلِكَ مَعَ حِرْصِ امرأَة رِفَاعَةَ (?) عَلَى رُجُوعِهَا إِليه؛ دَلّ عَلَى أَن التَّحْلِيلَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا. وَهُوَ أَصل صَحِيحٌ، إِذا اعتُبِر؛ وَضَحَ بِهِ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ؛ لأَن الْتِزَامَ الدعاءِ بِآثَارِ الصَّلَوَاتِ جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ فِي مَسَاجِدِ الجماعات لو كان مُسْتَحسناً (?) شَرْعًا ـ أَو جَائِزًا ـ؛ لَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَولى بِذَلِكَ (?) أَن يَفْعَلَهُ.

وَقَدْ عَلَّل المُنْكِرُ هَذَا الْمَوْضِعَ بِعلَلٍ تَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ، وَبَنَى عَلَى فَرْضِ أَنه لَمْ يأْت مَا يُخَالِفُهُ، وأَن الأَصل الْجَوَازُ فِي كُلِّ مَسْكُوتٍ عنه.

أَما أَن الأَصل الجواز فيُمنع (?)؛ لأَن طَائِفَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ يَذْهَبُونَ إِلى أَن الأَشياءَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْعِ عَلَى الْمَنْعِ دُونَ الإِباحة، فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَ مِنَ الْجَوَازِ؟ وإِن سَلَّمَنَا لَهُ مَا قَالَ، فَهَلْ هُوَ عَلَى الإِطلاق أَم لَا؟ أَما فِي العاديَّات فمُسَلَّم، وَلَا نُسَلِّم أَن مَا نَحْنُ فيه من العاديَّات، بل من العباديَّات، وَلَا يَصِحُّ أَن يُقَالَ فِيمَا فِيهِ تعبُّد: إِنه مُخْتَلِفٌ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: هَلْ هُوَ عَلَى الْمَنْعِ، أَم هُوَ عَلَى الإِباحة؟ بَلْ هو أبداً (?) على المنع؛ لأَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015