قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رأَيته اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلا رَمَضَانَ ... ، الْحَدِيثَ (?).
فتأَمّلوا وَجْهَ اعْتِبَارِ النَّشَاطِ وَالْفَرَاغِ (?) مِنَ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ، أَو القوة في الأَعمال. وكذلك قوله (?) ـ في صيام يوم وإِفطار يومين ـ: "ليتني طُوِّقْتُ ذلك" (?): إِنما يريد ـ والله أَعلم ـ (?) الْمُدَاوَمَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ (?) كَانَ يُوَالِي الصِّيَامَ حَتَّى يقولوا: لا يفطر.
ولا يُعْتَرَضُ هذا المأْخذ بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحب الْعَمَلِ إِلى اللَّهِ مَا دَاوَمَ (?) عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وإِن قَلّ" (?)، وأنه (?) كان عمله دِيمَةً (?)؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يَشُقُّ (?) فِيهِ الدوام.
وأَما ما نقل عنهم من إِدامة (?) صَلَاةِ الصُّبْحِ بوضوءِ الْعِشَاءِ، وَقِيَامُ جَمِيعِ اللَّيْلِ، وَصِيَامُ الدَّهْرِ، وَنَحْوُهُ، فَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَن لَا يَلْتَزِمَ ذَلِكَ. وإِنما يَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ حَالًا يَغْتَنِمُ نَشَاطَهُ، فإِذا أَتى زَمَانٌ آخَرُ وَجَدَ فِيهِ النشاط أَيضاً، ولم (?) يخلّ بما هو أَولى، عمل به (?) كَذَلِكَ، فَيَتَّفِقُ أَن يَدُومَ لَهُ (?) هَذَا النَّشَاطُ زَمَانًا طَوِيلًا، وَفِي كُلِّ حَالَةٍ هُوَ فِي فُسْحَةِ التَّرْكِ، لَكِنَّهُ يَنْتَهِزُ (?) الْفُرْصَةَ مَعَ الأَوقات، فَلَا بُعْدَ فِي أَن يَصْحَبَهُ النَّشَاطُ إِلَى آخر العمر، فيظنه (?) الظان التزاماً