قال ابن العربي: وقد كان قَالَ لِي أَصْحَابُنَا النَّصْرِيَّةُ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى: إِنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْفَتْحِ نَصْرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيَّ اجْتَمَعَ بِرَئِيسٍ مِنَ الشِّيعَةِ، فَشَكَا إِلَيْهِ فَسَادَ الْخَلْقِ، وَأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بخروج الإمام المنتظر، فقال له نصر: هل لخروجه ميقات معلوم أَمْ لَا؟ قَالَ الشِّيعِيُّ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ أبو الفتح: ومعلوم هو أم مَجْهُولٌ؟ قَالَ: مَعْلُومٌ. قَالَ نَصْرٌ: وَمَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: إِذَا فَسَدَ الْخَلْقُ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: فلم تحبسونه عن الخلق قد فَسَدَ جَمِيعُهُمْ إِلَّا أَنْتُمْ، فَلَوْ فَسَدْتُمْ لَخَرَجَ، فَأَسْرِعُوا بِهِ وَأَطْلِقُوهُ مِنْ سِجْنِهِ، وَعَجِّلُوا بِالرُّجُوعِ إلى مذهبنا، فبُهِتَ. وأظن أنه سَمِعَهَا عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ الرَّازِيِّ الزَّاهِدِ. انْتَهَى مَا حَكَاهُ ابْنُ العربي عن نفسه وغيره، وفيه غُنية في هذا المقام.

وَتَصَوُّرُ الْمَذْهَبِ كافٍ فِي ظُهُورِ بُطْلَانِهِ، إِلَّا أَنه مَعَ ظُهُورِ فَسَادِهِ وبُعده عَنِ الشَّرْعِ قَدِ اعْتَمَدَهُ طَوَائِفُ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ بِدَعًا فَاحِشَةً، مِنْهَا: مَذْهَبُ الْمَهْدِيِّ الْمَغْرِبِيِّ، فإِنه عَدَّ نَفْسَهُ الْإِمَامَ الْمُنْتَظَرَ، وأَنه مَعْصُومٌ، حَتَّى أَن مَنْ شَكَّ فِي عِصْمَتِهِ، أَو فِي (?) أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ المنتظر فهو كَافِرٌ.

وَقَدْ زَعَمَ ذَوُوهُ أَنه أَلَّف فِي الإِمامة كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ أَن اللَّهَ اسْتَخْلَفَ آدَمَ وَنُوحًا وإِبراهيم وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدًا عَلَيْهِمُ السلام، وأَن مدة الخلافة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015