وشمكير ـ بعامِّيَّتِهِ ـ يعتقد فيه أنه أعلم وجه الْأَرْضِ (?) بِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ.
فَقَالَ وَشْمَكِيرُ: ذَلِكَ مُرَادِي، رَجُلٌ جيِّد. فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بجُرْجان (?) لِيَرْحَلَ إِلَيْهِ إِلَى غَزْنَةَ (?). فَلَمْ يَبْقَ أحد من العلماء إلاّ أَيِسَ مِنَ الدِّين، وَقَالَ: سَيَبْهَتُ الإسماعيليُّ الكافرُ مَذْهَبًا الإسماعيليَّ الحافظَ نسباً، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا للملِكِ: إِنَّهُ لَا علم عنده بذلك لئلا يتهمهم، فلجأوا إِلَى اللَّهِ فِي نَصْرِ دِينِهِ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فَلَمَّا جَاءَنِي الْبَرِيدُ، وَأَخَذْتُ فِي الْمَسِيرِ، وَتَدَانَتْ بي الدَّارُ؛ قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ! وَكَيْفَ أُنَاظِرُ فِيمَا لَا أَدْرِي؟ هَلْ أَتَبَرَّأُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَأُرْشِدُهُ إلى من يحسن الجَدَلَ، ويعلم حجج الله على دينه؟ وندمت على ما سلف من عمري ولم أَنْظُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ، ثُمَّ أَذْكَرَنِي اللَّهُ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ بِجَامِعِ الرَّيّ، فَقَوِيَتْ نَفْسِي، وعَوَّلت عَلَى أَنْ أَجْعَلَ ذَلِكَ عُمْدَتِي، وَبَلَغْتُ الْبَلَدَ، فَتَلَقَّانِي الْمَلِكُ ثم جمع الْخَلْقِ، وَحَضَرَ الإسماعيليُّ الْمَذْهَبِ مَعَ الإسماعيليِّ النَّسَبِ، وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْبَاطِنِيِّ: أُذْكُرْ قَوْلَكَ يَسْمَعُهُ الْإِمَامُ. فَلَمَّا أَخَذَ فِي ذِكْرِهِ وَاسْتَوْفَاهُ، قَالَ لَهُ الحافظ: "لِمَ"؟ فلما سَمِعَهَا الْمُلْحِدُ قَالَ: هَذَا إِمَامٌ قَدْ عَرَفَ مَقَالَتِي، فبُهِتَ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فَخَرَجْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَرْتُ بِقِرَاءَةِ عِلْمِ الْكَلَامِ، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ عُمْدَةٌ مِنْ عُمَدِ الْإِسْلَامِ (¬4).
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَحِينَ انتهى بي الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ قُلْتُ: إِنْ كَانَ في الأجل نساء فَهَذَا شَبِيهٌ بِيَوْمِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، فوجَّهت إِلَى أَبِي الفتح الإمامي، وَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ كُنْتُ فِي لَا شَيْءَ، ولو خرجت من عَكّا قبل أن