بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الرابع
في مأخذ أهل البدع في الاستدلال
كُلُّ خَارِجٍ عَنِ السُّنَّةِ مِمَّنْ يَدَّعِي الدُّخُولَ فِيهَا، وَالْكَوْنَ مَنْ أَهلها، لَا بُدَّ لَهُ من تكلف الاستدلال بأَدلتها على خصوصات مَسَائِلِهِمْ، وإِلا كَذَّبَ اطراحُها دَعْوَاهُمْ، بَلْ كُلُّ مبتدع من هذه الأُمة إِنما (?) يدَّعي أَنه (?) هُوَ صَاحِبُ السُّنَّةِ دُونَ (?) مَنْ خالفه من الفرق، فلا يمكنه إِلا (?) الرُّجُوعُ إِلى التَّعَلُّقِ بِشُبَهِهَا (?)، وإِذا رَجَعَ إِليها كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَن يأْخذ الِاسْتِدْلَالَ مأْخذ أَهله الْعَارِفِينَ (?) بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَكُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَمَقَاصِدِهَا، كَمَا كَانَ السَّلَفُ الأَول يأْخُذُونها. إِلا أَن هَؤُلَاءِ (?) ـ كَمَا يَتَبَيَّنُ بَعْدُ ـ لَمْ يَبْلُغُوا مَبْلَغَ النَّاظِرِينَ فِيهَا بإِطلاق (?)، إِما لِعَدَمِ الرُّسُوخِ فِي مَعْرِفَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْعِلْمِ بِمَقَاصِدِهَا، وإِما (?) لِعَدَمِ الرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ بِقَوَاعِدَ الأُصول؛ الَّتِي مِنْ جهتها تستنبط الأَحكام الشرعية، وإمّا للأَمرين (?) جَمِيعًا، فبِالْحَرِيّ أَن تَصِيرَ مَآخِذُهُمْ للأَدلة مُخَالَفَةً لمأْخذ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ للأَمرين.
وإِذا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى تِلْكَ الْمَآخِذِ؛ لِكَيْ تُحْذَرَ وتُتَّقَى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (?).