وَلَا تَبِعَ صَاحِبَهَا وِزْرٌ، فَعَادَتْ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ حَسَنَةٌ، وَدَخَلَتْ تَحْتَ الْوَعْدِ بِالْأَجْرِ.
وَالثَّانِي (?): أَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ وَأَعْلَاهُمُ الصَّحَابَةُ ـ قَدْ عَمِلُوا بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، مِمَّا رَأَوْهُ حَسَنًا، وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَلَا تَجْتَمِعُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى هُدًى (?) وَمَا هُوَ حَسَنٌ.
فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَمْعِ الْقُرْآنِ وكَتْبه فِي الْمَصَاحِفِ، وَعَلَى جَمْعِ النَّاسِ عَلَى الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ، وَاطِّرَاحِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الَّتِي كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يكن في ذلك (?) نص ولا حظر (?)، ثُمَّ اقْتَفَى النَّاسُ أَثَرَهُمْ فِي ذَلِكَ الرَّأْيِ الحسن، فجمعوا العلم، ودونوه، وكتبوه، ومن سباقهم في ذلك مالك بن أنس رضي الله عنه، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمُ اتِّبَاعًا، وَأَبْعَدِهِمْ مِنَ الابتداع.
هذا وإن كانوا (?) قَدْ نُقِلَ عَنْهُمْ كَرَاهِيَةُ كَتْبِ الْعِلْمِ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ: إِمَّا عَلَى الخوف من الاتكال على الكتب استغناء به عَنِ الْحِفْظِ وَالتَّحْصِيلِ، وَإِمَّا عَلَى مَا كَانَ رَأْيًا دُونَ مَا كَانَ نَقْلًا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ ثُمَّ اتَّفَقَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَدْوِينِ الْجَمِيعِ لَمَّا ضَعُفَ الْأَمْرُ، وَقَلَّ الْمُجْتَهِدُونَ فِي التَّحْصِيلِ، فَخَافُوا عَلَى الدِّينِ الدُّرُوسَ (?) جُمْلَةً.
قَالَ اللَّخْمِيُّ (?) ـ لَمَّا ذُكِرَ كَلَامُ مَالِكٍ وغيره في كراهية بيع كتب العلم