قال عبيد الله بن محمد القرشي: كانت امرأة من عباد أهل البصرة، وكان لها أولاد فأصابها مطر في بعض الليل فوكف عليها البيت، فجعلت تنقل أولادها من موضع إلى موضع، فلا يزداد الوكف إلا شدة. فلما أذلقها ذلك قالت: يا رفيق ارفق بي. قال: فما أصابها من ذلك المطر قطرة واحدة. (?).
الموقف العاشر:
قال الأصمعي: خرجت أعرابية إلى منى فقطع بها الطريق فقالت: يا رب أخذت وأعطيت وأنعمت وسلبت وكل ذلك منك عدل وفضل والذي عظم على الخلائق أمرك لا بسطت لساني بمسألة أحد غيرك ولا بذلت رغبتي إلا إليك يا قرة أعين السائلين أغثني بجود منك أتبحبح في فراديس نعمته وأتقلب في راووق نضرته، احملني من الرُجلة (?)، وأغنني من العَيلة (?)، وأسدل عليَّ سترك الذي لا تخرقه الرماح ولا تزيله الرياح إنك سميع الدعاء. (?)،
فما أكرم هذا الإنسان لما ينزل بحاجته إلى ربه ويعتصم به وحده ويدعوه وحده. فهذه الأعرابية قد فقدت كل شئ إلا أن العجب من استغاثتها بربهاوتمسكها بخالقها وحسن ظنها بمعبودها جل وعلا، فنعم بالله فهو نعم المولي ونعم النصير.
إن للاعتصام بالله ثمرات عظيمة يجنيها العبد ويري خيرها وبرها في حياته ويعيش أثرها في كل أموره فمن هذه الثمرات:
1 - أن الله تعالى يكرم من اعتصم به ويدخله في رحمته ويزيده فضلا من عنده. قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) (?).
2 - أن الله تعالى يتولي من اعتصم به وينصره ويؤيده.
قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) (?).