قال أبو جعفر الرازي عن ابن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كان إيمان امرأة فرعون من قبل إيمان امرأة خازن فرعون، وذلك أنها جلست تمشط ابنة فرعون فوقع المشط من يدها فقالت: تعس من كفر بالله، فقالت لها ابنة فرعون: ولك رب غير أبي؟ قالت: ربي ورب أبيك ورب كل شئ الله، فلطمتها بنت فرعون وضربتها، وأخبرت أباها فأرسل إليها فرعون، فقال: تعبدين ربًا غيري؟ قالت: نعم، ربي وربك ورب كل شئ الله، وإياه أعبد، فعذبها فرعون وأوتد لها أوتادًا، فشد رجليها ويديها، وأرسل عليها الحيات، وكانت كذلك فأتى عليها يومًا فقال لها: ما أنت منتهية؟ فقالت له: ربي وربك ورب كل شيء الله فقال لها: إني ذابح ابنك في فيك إن لم تفعلي، فقالت له: إقض ما أنت قاض، فذبح ابنها في فيها وإن روح ابنها بشّرها فقال لها: أبشري يا أمه فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا فصبرت، ثم إن فرعون أتاها يومًا آخر فقال لها مثل ذلك، فقالت له مثل ذلك فذبح ابنها الآخر في فيها فبشرها روحه أيضًا: اصبري يا أمه فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا قال: وسمعت امرأة فرعون كلامَ روح ابنها الأكبر ثم الأصغر فآمنت امرأة فرعون وقبض الله روح امرأة خازن فرعون وكشف الغطاء عن ثوابها ومنزلتها وكرامتها لامرأة فرعون، حتي رأت فازدادت إيمانًا ويقينًا وتصديقًا فأطلع الله فرعون على إيمانها، فقال للملأ: ما تعلمون في آسية بنت مزاحم؟ فأثنوا عليها فقال لهم: إنها تعبد غيري فقالوا له: اقتلها فأوتد لها أوتادًا فشد يديها ورجليها، فدعت آسية ربها فقالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) (?).
فوافق ذلك أن حضرها فرعون فضحكت حين رأت بيتها في الجنة فقال فرعون: ألا تعجبون من جنونها نعذبها وهي تضحك فقبض الله روحها -رضي الله عنها- (?).
الموقف الرابع: