فعندئذ ينتهي البحث معها وكثيرا من المعذبين الذين لم يلاقوا حتفهم في هذا التعذيب يخرجون مشوهين ومعطوبين من هذه العمليات في ذواتهم أوفي عقولهم، ومن ثم ينقلون إلى المعتقلات أو السجون على حسب التهمة والاعتراف، وكان تفتيش السكان وترويع النساء والأطفال، وحصر المدن والقرى هدفا لجنود المظلات والحرير المتنقل، ورجال، الدرك، وهذا هو شغلهم الشاغل ليلا ونهارا، وفي أي وقت شاءوا يدخلون الى المنازل ويعبثون بأثاثه، ويتلفون ما فيه من الأواني والاطعمة، وينهبون النفائس من الجواهر والحلي والدراهم، ويتعدون على الشرف والعفاف أمام الأب والزوج والأخ الى غير ذلك من إهدار الكرامة البشرية، والاستخفاف والازدراء بالقيم والمثل الإنسانية بحيث تجاوزوا كل حد وقانون وعرف في تاريخ البشرية الطويل العريض.

وتارة يحاصرون القرى في الليل ويطوقونها من كل ناحية، ويخرجون أهلها وهم في لباس النوم رجالا ونساء وأطفالا الى الملاعب العامة فيفحصون أوراق تعريفاتهم والويل لمن حامت حوله الشكوك فينقلونه في الحال الى مراكز التعذيب للاستنطاق وهكذا يفعل الجيش الفرنسي بالمسلمين في كل ناحية من نواحي الوطن.

هذه الكيفية من التعذيب لازمت الشعب الجزائري طوال سني الحرب، وهذا العذاب يستكمل للرجال وللنساء والأطفال المراهقين بدون تميز.

والمنظمة الارهابية التي نظمها المعمرون لها اليد الطولى في هذا الميدان، فكان أفرادها يرتدون لباس الجند ويأتون الى المنازل ليلا فيخطفون الأشخاص المقصودين ويذهبون بهم الى حيث لا يعلم أحد، فكم من شخصية بارزة اختطفت في لباس النوم ليلا لا يسمع الا الصراخ والعويل في ظلمة الليل البهيم مثل العالم الجليل الشيخ العربي التبسي وغيره.

أتينا بهذه النبذة القصيرة عن أعمال المتحضرين الذين يهذبون الشعوب ليقارن كل عاقل بين معاملة جيش التحرير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015