شبّه الحال بإنسان متكلّم فى الدّلالة على المقصود؛ فأثبت لها اللسان الذى به قوامها فيه. وكذا قول زهير (?) [من الطويل]:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرّى أفراس الصّبا ورواحله
أراد أن يبيّن أنه ترك ما كان يرتكبه زمن المحبّة من الجهل، وأعرض عن معاودته فبطلت آلاته، فشبّه الصّبا بجهة من جهات المسير؛ كالحجّ والتجارة، قضى منها الوطر؛ فأهملت آلاتها، فأثبت لها الأفراس والرواحل، فالصّبا من الصّبوة بمعنى الميل إلى الجهل والفتوّة؛ ويحتمل أنه أراد بالأفراس والرواحل:
دواعى النفوس، وشهواتها، والقوى الحاصلة لها فى استيفاء اللذات، أو الأسباب التى قلّما تتآخذ (?) فى اتباع الغى، إلا أوان الصّبا؛ فتكون الاستعارة تحقيقية.
واحترز بالقيد الأخير عن الاستعارة، على أصح القولين؛ فإنها مستعملة فيما وضعت له بتأويل.
(2/ 307) وعرّف المجاز الّلغوى بالكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له بالتحقيق، فى اصطلاح التخاطب، مع قرينة مانعة عن إرادته، وأتى بقيد «التحقيق»؛ لتدخل الاستعارة؛ على ما مرّ.
وردّ: بأن الوضع إذا أطلق لا يتناول الوضع بتأويل، وبأنّ التقييد باصطلاح التخاطب لا بدّ منه فى تعريف الحقيقة.
(2/ 311) وقسّم المجاز اللغوى إلى الاستعارة وغيرها. وعرّف الاستعارة بأن تذكر أحد طرفى التشبيه، وتريد به الآخر، مدّعيا دخول المشبّه فى جنس المشبّه به. وقسّمها إلى المصرّح بها، والمكنى عنها.
وعنى بالمصرّح بها: أن يكون المذكور هو المشبّه به، وجعل منها تحقيقيّة،