فكيف أُطلعكم عليها، فتأْويل من نفسي: من قبلي ومن غيبي، كما قال: تَعْلَمُ ما في نَفْسِي ولا أَعْلَمُ ما في نَفْسِكَ، ويقال: معنى الآية: إِنَّ السَّاعة آتية أَكاد أُظهرها. ويقال: خَفَيْتُ الشَّيءَ، إِذا أَظهرتَه. ولا يقع هذا - أَعني الَّذي لا أَلف فيه - على السَّتر والتَّغطية.
قال الفَرَّاءُ: حدَّثنا الكِسَائِيّ، عن محمد بن سهل، عن وقاء، عن سعيد بن جُبَيْر أَنَّهُ قرأَ: أَكاد أَخْفيها، فمعنى أَخفيها أُظهرِها. وقالَ عَبْدة بن الطَّبيب يذكر ثوراً يحفِر كِناساً، ويستخرج ترابَه فيظهره:
يَخْفِي التُّرابَ بأَظْلافٍ ثَمانيةٍ ... في أَربعٍ مَسُّهُنَّ الأَرْضَ تحْليلُ
أَرادَ يظهر التُّراب. وقالَ الكِنديّ:
فإِنْ تَدْفِنُوا الدَّاَء لا نَخْفِهِ ... وإِنْ تَبْعَثُوا الحرْبَ لا نَقْعُدِ
أَرادَ لا نظهره، وقالَ النَّابِغَة:
يَخْفِي بأَظلافهِ حتَّى إِذا بلغَتْ ... يُبْسَ الكثيب تَدانَى التُّرب وانْهَدَمَا
أَرادَ يظهر. قال أَبو بَكْر: يجوز أَن يكون معنى الآية: إِنَّ السَّاعة آتية أَكاد آتي بها؛ فحذف آتي لبيان معناه، ثمَّ