واليَرندج؛ وقالَ الآخر:
قَدْ أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُهُ ... في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَهُ البُومُ
أَراد في ظِلّ ليلٍ أَسود. وقال الآخر، وهو حُمَيد بن ثور:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ كأَنَّه ... رَوَاهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قوله أَلْمَى الظِّلال، معناه أَسود الظِّلال، والرواهب: النِّساء المترهِّبات الَّلاتي يَلْبَسْن المُسوحَ، فجعل ظلّ الشَّجرة أَلْمَى لسواده؛ كما قالَ الأَوَّل: في ظلّ أَخضر، وأَحْرَمْنَ الشَّراب: صُمْن ومنعنَ أَنفسهنَّ الطَّعام والشَّراب. وعُذوب، معناه أَيْضاً لا يأْكُلْن، قالَ ذو الرُّمَّة:
كَمَا الأُكْمَ بُهْمَى غَضَّةً حَبَشِيَّةً ... تُؤَاماً ونُقْعانُ الظُّهُورِ الأَقَارِعِ
فقال حَبَشِيَّة: وهو يريد شديد الخضرة. وقد كان بعض اللُّغَويِّين يقول: الأَخضر ليس من حروف الأَضْداد، وإِن ذهب به إِلى معنى السَّواد؛ لأنَّ الشَّيء إِذا ما اشتدَّت خُضْرته رُئِي أَسود، الدَّليل على هذا أَنَّ بعض المفسرِّين فَسَّر قولَ الله عزَّ وجلَّ: مُدْهَامَّتَانِ، فقال: خَضْراوان تَضْربان