جوازُها على المجاز والاتساع، وقد قال الله عزَ وجلّ: وَالنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدان، فخبّر عن النجم والشجر بالسجود على معنى الميْل، أَي يستقبلان الشمس ثمَّ يميلان معها حتَّى يَنْكَسِرَ الفيء، والسُّجود في الصَّلاة سُمِّي سجوداً لعلَّتين: إحداهما أَنه خُضوعٌ
وتَذَلُّلٌ لله جلّ وعزّ؛ إذْ كانت العرب تجعل الخاضع ساجداً. والعلة الأُخرى أَنَّهُ سُمِّيَ سجوداً لأَنَّه بالميل يقع، والانحناء والتطاطؤ على ما تقدّم من التفسير، كما سُمِّيَ الركوع في الصلاة ركوعاً لأَنَّه انحناء، قال لَبيد:
أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرون الَّتي مضت ... أَدِبُّ كأَنِّي كُلَّما قمتُ راكعُ
وقالَ الأَضبط بن قريع:
وَلا تُعادِ الفقير عَلَّكَ أَنْ ... تَرْكَعَ يوماً والدَّهرُ قد رَفَعَهْ
أَراد: لعلّك أَن تنحنيَ ويقلّ مالك، فشبَّه قلة المال بالانحناء. ويجوز أَن يكون جَعَل الركوع مثلاً لذهاب ماله؛ لأَنَّ فيه ذلاًّ وخضوعاً، على مثل ما تقدم في السجود.
196 - ومما يفسر من القرآن تفْسيرين متضادّين قول الله عزَ وجلّ: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغاً إنْ كادَتْ