فتور النظر وغَضُّ الطَّرْف؛ يقال: قد أَسجدت المرأَة إِذا غضَّت طرفها، ويقال: قد سجدت عينُها إِذا فتر نظرها، قال كُثيّر:
أَغَرَّكِ مِنَّا أَنَّ دَلَّك عِنْدَنا ... وإسجادَ عينيك الصَّيودَيْنِ رابِحُ
والسجود في غير هذا: الخشوع والخضوع والتذلّل؛ كقوله جلّ اسمه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَنْ في السَّمواتِ ومَنْ في الأَرضِ والشَّمْسُ والقَمَرُ، فسجود الشمس والقمر على جهة الخشوع والتذلل. ومن هذا قوله: وإنَّ مِنْ شيءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه، معناه أَن أَثرَ صنعة الله عزَ وجلّ موجودة في الأَشياء كلّها حيوانها ومواتها؛ فما لم تكن له آلة النطق والتسبيح وُصِف بذلك على جهة التشبيه بمن ينطق ويسبّح لدلالته على خالقه وبارئه، قال الشَّاعِر:
ساجدُ المُنخُر ما يرفَعْهُ ... خاشعُ الطَّرفِ أَصمُّ المُستَمَعْ
وقال الآخر:
بجَمْعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَراتِهِ ... تَرَى الأُكْمَ مِنْها سُجَّداً للحوافِرِ
وقال الآخر:
قدْ كان ذو القَرْنَيْنِ جَدِّي مُسْلِماً ... مَلِكاً تَدينُ لهُ المُلوك وتَسْجُدُ