167 - وممَّا فسّر من كتاب الله تفسيرين متضادّين، قوله تبارك وتعالى: اللهُ الَّذي رَفَعَ السَّموات بغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، يقال: معناه خلقها مرفوعة بلا عَمَد، فالجحْد واقع في موضعه الَّذي يجب كونه فيه، ثمَّ قال بعد: تَرَوْنَهَا أَي لا تحتاجون مع الرؤية إِلى خبر.
ويفسَّر تفسيراً آخر، وهو: الله الَّذي رفع السموات بعمد لا ترون تلك العمد، فدخل الجحْد على العَمَد في اللفظ، وهو في المعنى منقول إِلى الرؤية؛ كما تقول العرب: ما ضربت عبد الله وعنده أَحد، يريدون: ضربت عبد الله وليس عنده أَحد.
ويقال: ما ينشأُ أَحد ببلد فيزال يذكره؛ أَي إِذا نشأَ ببلد لم يزل يذكره. وأَنشد الفَرَّاءُ حجَّة لهذا المعنى:
وَلا أَراها تزالُ ظَالِمَةً ... تُحْدِثُ لِي نَكْبَةً وَتَنكؤُها
أَراد: وأَراها لا تزال ظالمة. وأَنشد أَيْضاً:
إِذا أَعجبتْك الدَّهْرَ حالٌ من امرئٍ ... فدعْه وواكِلْ حالَهُ واللَّيَاليَا
يَجِئْن عَلَيَّ ما كانَ مِنْ صَالحٍ بهِ ... وإِنْ كانَ فيما لا يَرَى النَّاسُ آلِيا