الذي كانَ يقرأُ بالفاء وينصبُ. والفراءُ يختار في الواو والفاء الرفع؛ لأن المعنى: يا ليتنا نرد ولسنا نكذبُ استأنفَ, ومن مسائلهم: لعلِّي سأَحجُّ فأزورَكَ, ولعلكَ تشتمنا فأقومَ إليكَ, ويقولون "لعل" تُجاب إذا كانت استفهامًا أو شكًّا, وأصحابنا لا يعرفون الاستفهامَ بلعلَ, وتقول: إنَّما هي ضربةٌ مِنَ الأسدِ فتحطم ظهرهُ كأنه قال: إنَّما هي ضربةٌ فحطمهُ فأضمر "أنْ" ليعطفَ مصدرًا على مصدر, وقالوا: الأمرُ مَنْ ينصبُ الجوابُ فيه والنهي يُجابُ بالفاءِ؛ لأنهُ بمنزلةِ النفي ويجوزُ النسق. وقالوا: العَربُ تذهبُ بالأمر إلى الاستهزاء والنهي فتنصب الجواب, فيقولون: استأذنْ فيؤذنَ لكَ أي: لا تستأذنْ وتحركْ فأصبنكَ, قالوا: والعربُ تحذفُ الفعلَ الأول مع الاستفهام للجواب ومعرفة الكلام, فيقولون: متى فأَسيرُ معكَ وأجازوا: متى فآتيكَ تخرجْ ولَم فأسيرَ تسرْ, وقالوا: كأنَّ ينصب الجواب معها وليس بالوجه, وذاك إذا كانت في غير معنى التشبيه, نحو قولك: كأنَّكَ والٍ علينَا فتشتمنَا، والمعنى لست واليًا علينا فتشتمنا, وتقول: أريد أن آتيك فأستشيرك؛ لأنك تريد إتيانه ومشورته جميعًا. فلذلك عطفت على "أن" فإن قلت: أريد أن آتيك فيمنعني الشغل, رفعت لأنك لا تريد منع الشغلِ، فإنْ أردت ذلك نصبت وقالوا: "لولا" إذا وليتْ فعلًا فهي بمنزلةِ هَلاّ، ولَو ما, تكون استفهامًا وتجاب بالفاء, وإذا وليت الأسماء لم ينسق عليها بلا ولَم تجب بالفاء، وكانت خبرًا نحو قوله: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} 1 و {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} 2 وقالوا: الاختيارُ في الواجبِ منها الرفعُ، وقد نصبَ منها الجوابُ, قال الشاعر:
ولَو نُبِشَ المَقَابِرُ عَن كُلَيْبٍ ... فَيَعْلَمَ بالذَّنائبِ أَيُّ زِيرِ3