والوضوء يحل بغير ملك يملكه (?) صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو قال لرجل: كل طعامي هذا، أو توضأ بمائي هذا، أو اشرب شرابي هذا، وسعه أن يفعل ذلك بغير بيع ولا هبة ولا صدقة. ولو أن رجلاً قال لرجل: طَأْ جاريتي هذه، فقد أذنت لك في ذلك، أو قالت له امرأة حرة مسلمة: قد أذنت لك في وطئي، لم يحل له الوطء بإذنها حتى يتزوج الحرة أو يشتري الأمة أو توهب له أو يُتَصَدَّق (?) بها عليه. أفلا ترى أن الفرج لا يحل له إلا بتزوج أو بملك (?) المملوكة، فلا ينقض النكاح ولا الشراء ولا الهبة ولا الصدقة بقول رجل واحد ولا بقول امرأة واحدة. فإذا كان النكاح والملك لا يُنْقَضَان بذلك وإنما حَلّ الفرج بهما ولولاهما ما حَلّ الفرج والفرجُ على حاله حتى ينتقض الذي به حل الفرج ولا ينتقض إلا بشهادة رجلين عدلين أو بشهادة رجل وامرأتين فكذلك (?) لا يحرم الفرج إلا بما ينتقض به النكاح والملك. وكذلك كل أمر لا يحل إلا بملك أو نكاح فإنه لا يحرم بشيء حتى ينتقض النكاح والملك. ولا يكون الرجل الواحد المسلم ولا المرأة في ذلك حجة؛ لأنه إنما حل من وجه الحكم، ولا يحرم إلا من الوجه الذي حل به منه. ألا ترى أن عقدة النكاح وعقدة الملك لا ينقضهما في الحكم إلا رجلان أو رجل وامرأتان. فإن كان الذي يحل بذلك لا يحل إلا به لى يحرم حتى ينتقض الذي به حل (?). وكل أمر يحل بغير نكاح ولا ملك إنما يحل بالإذن فيه فأخبر رجل مسلم ثقة أنه حرام فهو عندنا حجة في ذلك، ولا ينبغي أن يؤكل ولا يشرب ولا يتوضأ منه.
ولو أن رجلاً مسلماً اشترى لحماً فلما قبضه أخبره رجل مسلم ثقة أنه ذبيحة مجوسي لم ينبغ له أن يأكله ولا يطعمه غيره. ولا ينبغي له أن يرده على صاحبه، ولا يستحل منع البائع ثمنه؛ لأن نقض الملك فيه لا يجوز